الديمقراطية والشر
إن الديمقراطية المشوهة أو الناقصة بطاقتها التفتيتية المناهضة للنزعة الإنسانية تسدد ضربة قاصمة إلى مفهوم التعاطف المعرفي من حيث هو قدرة على تصور أفكار الآخرين ومشاعرهم، ومن ثم بذل الجهد المطلوب لإحلال الذات محل الآخر.

لقد كان الدرس التاريخي الذي يتعلق الأمر بالديمقراطية أنها محض أداة سياسية، تتحول إلى بطن خصب للشر حين يعتريها النقص والتشويه، وتكون لديها في تلك الحال القدرة الكاملة على إنتاج الفرقة والنزاع والتخندق المذهبي وغياب العدالة، فالديمقراطية حين تكون مبتورة وزائفة فإنها تصيب التعاطف الإنساني في مقتل، ويكفي لتبين فداحة ذلك الإقرار بأن مستوى التعاطف في المجتمع هو الأساس الذي من خلاله يجري فهم محددات السلوك الاجتماعي، وفي مقدمتها الأسباب التي تدفع الأفراد لتبني سلوكيات متوحشة وقاسية تجاه المجتمع والآخرين.إن الديمقراطية المشوهة أو الناقصة بطاقتها التفتيتية المناهضة للنزعة الإنسانية تسدد ضربة قاصمة إلى مفهوم التعاطف المعرفي من حيث هو قدرة على تصور أفكار الآخرين ومشاعرهم، ومن ثم بذل الجهد المطلوب لإحلال الذات محل الآخر، ومن جانب آخر فإنها تخنق التعاطف الفاعل الذي يجد تجسيدا له في الاستجابة العاطفية التي يبديها المرء حين يتعرف على مشاعر الآخر وأفكاره. وليس من المستغرب أن تترعرع الديمقراطية المشوهة في الحضن عينه الذي تنمو فيه ظواهر اجتماعية تمد الهمجية والوحشية بنسغ الحياة كالطاعة العمياء للأيديولوجيا والسلطوية في نسخهما المتباينة، ولمَ لا، إذ لا يجمع الاثنان سوى كراهية التعاطف الإنساني.