في مفتتح حديثه، قال الفنان التشكيلي قاسم ياسين إن جائزة الدولة التقديرية والتشجيعية التي تمنحها الدولة للمبدعين في الكويت في مختلف المجالات، تحتاج إلى إعادة النظر في آليتها، فمن الأجدر أن تكون هناك لجنة فنية أكاديمية محايدة ذات خبرة واسعة وشاملة بالفن التشكيلي تتولى عملية التحكيم، مع مراعاة تاريخ وسيرة الفنان المشارك وأعماله الفنية وفقاً للطرق العالمية المعتمدة في منح الجوائز الكبيرة لمستحقيها، لاسيما أن هذه الجائزة تحمل اسم الدولة.

واستطرد ياسين في الحديث عن الشروط التي يجب توافرها في المتقدم للجائزة، وفي مقدمتها أن يكون من الفنانين ذوي السيرة الذاتية الزاخرة بالأعمال على مدار الأعوام السابقة، وألا يكون مشواره متقطعاً أو شهد فترات ركود أو غياب عن الساحة، بمعنى أن تجربته الفنية مستمرة ولم تتوقف إن كان حياً أم إن كان ممن غادروا الحياة، فمن الضروري تقديم التسلسل الزمني لمشروعه الفني مرفقاً بسيرته الذاتية وخبراته ومنجزاته.

Ad

وأشار إلى ضرورة تحديد الفئات المستحقة لجوائز الدولة التقديرية والتشجيعية بشكل دقيق، حيث تكون الجائزة التشجيعية للفنانين الذين لا تقل أعمارهم عن ثلاثين عاماً ولا تزيد على 60 عاماً، أما بالنسبة لجائزة الدولة التقديرية فيفضل أن تمنح للفنانين الذين تجاوزا الستين عاماً، وأن يكون المرشح لها حاصلا على جوائز وشهادات ومراتب فنية، محلية أو من خارج الكويت، وله مشاركات متنوعة محلياً وخارجياً، إضافة إلى ان يكون له أنشطة مهنية فنية أخرى وأثبتت جدارته وتفرده فيها من خلال رصيده الفني المشهود له بالإبداع والابتكار، وليس الأعمال المقلدة أو المنسوخة أو التي تخص فنانين آخرين، بعد نسبتها إلى نفسه.

كما شدد على ضرورة ألا تمنح الجائزة نظير مشاركته بعمل واحد، بل يجب التدقيق جيداً في تجربته التشكيلية كاملة وانتقاء أعمال مختلفة في مراحل عمرية متباينة من مشواره الفني.

وفيما يتعلق بأعضاء لجان التحكيم، قال ياسين ليس من المقبول أن يكون المحكم أقل ثقافة ومعرفة وخبرة من المتقدمين إلى الجائزة، مشدداً على أهمية أن تتوافر شروط مهنية وفنية في المحكم، وأن يكون من أصحاب الخبرات المتعددة في مجالات التشكيل: الرسم والنحت والخزف والتصوير والغرافيك، إضافة إلى أن تكون لديه دراية كاملة بتاريخ الفنانين المتقدمين إلى الجائزة. ولفت إلى ضرورة أن يتم التحكيم على الأعمال الأصلية لا على صور عنها.

ودعا إلى عدم تكرار حصول الفنان أو المبدع على جائزة الدولة التشجيعية أكثر من مرة حتى لو كان يعمل في مجالين، وفي حال الحصول عليها لا يجوز له التقدم في الدورات اللاحقة.

واقترح ياسين استحداث جائزة للفنانين الراحلين الذين سخروا حياتهم لارتقاء الفن الكويتي، وساهموا في التعريف به في المحافل الدولية.

طرق غير مشروعة

أما الفنان التشكيلي محمد قمبر فتحدث عن آلية انتقاء الفائزين في مجال الفنون التشكيلية، مؤكدا ضرورة أن ينظم المجلس الوطني معرضا للفنانين المشاركين يضم ثلاثة أعمال لكل مشارك على الأقل ليمنح أعضاء لجنة التحكيم فرصة أكبر لتقييم تجربة الفنان والاطلاع على مستواه الفني وإمكاناته، مشيرا إلى أنه في الأعوام السابقة قدم مجموعة اقتراحات للمجلس الوطني ولم يؤخذ بها، ويفضل تحديد الفئة العمرية للمشاركين في جائزة الدولة التشجيعية.

وانتقد قمبر انتقاء أعضاء لجنة التحكيم من خارج الكويت لأن له سلبيات كثيرة أبرزها عدم معرفة مستوى المتقدمين للمسابقة، لاسيما أن ثمة تلاعبا قد يحدث بسبب ضعاف النفوس الذين يبحثون عن الشهرة او العائد المالي للجائزة، فيسلكون طرقا غير مشروعة فيشترون أعمالا من خارج الكويت ويَسِمونها بتوقيعاتهم.

وشدد قمبر على أهمية انتقاء أسماء مرموقة في المشهد التشكيلي الكويتي لمنحهم جوائز الدولة التقديرية، وأن يكون الحاصلين عليها من أصحاب الخبرة الطويلة في هذا المجال وله مشاركات مثمرة في فعاليات تشكيلية داخل الكويت وخارجها وحاصلا على جوائز مهمة.

شفافية ووضوح

من جهته، يشير الفنان محمد الشيباني إلى ضرورة تمتع الجائزة بشفافية ووضوح، مقترحا اعلان اسماء المحكمين للتعرف عليهم وعلى خبراتهم ومستواهم الفني، لأنه ليس من المعقول ان المحكم يكون أقل مستوى من المتسابقين، ويلفت الشيباني الى ضرورة مضاعفة عدد المحكمين وعدم الاكتفاء بثلاثة او أربعة محكمين، كما يفضّل ان يكون المحكمين من خارج الكويت لضمان الحيادية والإنصاف.

واقترح تقديم تقرير يوضح سبب انتقاء الاعمال الفائزة لأنه ليس من المقبول ان تشارك هذه الاعمال في معرض القرين التشكيلي ومسابقات أخرى ولا تحصل على الجائزة بينما الاعمال ذاتها تحصل على جائزة الدولة، ويستطرد في هذا الجانب: "مقاييس التحكيم ومعاييره ثابتة لا تتغير باختلاف أفراد لجنة التحكيم".

ويأسف الشيباني لعدم نيل الفنان خزعل القفاص جائزة الدولة التقديرية وحصول من هو أقل منه عليها، مستغربا تجاهل فنان بحجمه وخبرته الطويلة.

واقترح أن تقدم جائزة الدولة التقديرية للفنانين الذين لا يزالون على قيد الحياة والذين رحلوا عن دنيانا وبقيت أعمالهم خالدة في الذاكرة والوجدان.

مقاييس واعتبارات

أما الفنانة ثريا البقصمي فقالت: "قدمت ست مرات في مجال الحفر، ولم يحالفني الحظ في الفوز. كما قدمت في مجال الرواية، والشعر، والقصة ولم أفز. وتعتقد البقصمي أن الجائزة تحتاج إلى نوع من التغيير والتحديث، خصوصا الجائزة الثانية (الخزف والحفر والنحت) من المفترض أن يتم تفككيها، فتلك الفنون لا تتماشى مع بعضها البعض، وأقترح أن تكون هناك كل سنة جائزة للكاريكاتير على سبيل المثال، أو الخط، أو التصوير الفوتوغرافي، النحت أو الخزف. أما بالنسبة للحفر فيكون لوحده لأنه قريب من الرسم، لذلك يجب أن يوضع مع الجائزة الأولى لأنه لا يتماشى مع باقي الفنون.

وترى البقصمي أن شرطا ضروريا يجب توافره في الجائزة، يمنع تكرار حصول المبدع على الجائزة في دورتين مختلفتين وفقا لمبدأ اتاحة الفرصة للمبدعين الكويتيين الآخرين.

وأضافت أن لجان التحكيم في كل مكان في العالم يعتمدون على خبرتهم الشخصية، والمزاجية، والتقييم والعمل الفني من وجه نظرهم، وأنا لا أستطيع أن أطعن في لجان التحكيم، لأن تلك اللجان تم اختيارها من قبل المجلس الوطني. تبقي لجنة التحكيم عندها مقاييس واعتبارات، ونحن كمتقدمين ليس لدينا الحق في الشك في تقييمها.

استغراب ودهشة

بدوره، طالب الفنان التشكيلي جابر أحمد بالمزيد من الشفافية في جائزة الدولة التقديرية والتشجيعية، وقال: "نريد أن نعرف من هم أعضاء لجنة التحكيم، ويفضل أن يطّلع الفنان على آلية اختيار الأعمال الفائزة، مبدياً استغرابه من اشتراط اللجنة تزويدهم بالسيرة الذاتية للفنان، بينما لا يؤخذ محتواها بعين الاعتبار، وتابع: "ما يثير الدهشة ان المجلس الوطني يرشحني إلى مهمات رسمية لتمثيل الكويت في العديد من المحافل الدولية، في حين من يحصل على الجائزة ليس لديه اي مشاركات خارجية".

واستطرد في الحديث عن غياب الإنصاف في اختيار الفائزين ضمن هذه الجائزة مبيناً أن إحدى الفائزات بالجائزة مشاركاتها وإنجازاتها ضعيفة وعملها لا يرتقي بالفن الحديث أو المعاصر بينما من تقدم من الفنانين للجائزة لديهم إنجازات ومشاركات ولديهم سيره ذاتية مليئة بالإنجازات على المستوى المحلي والخليجي والعربي والعالمي وأنا منهم. لذلك نأمل إعادة النظر في بعض شروط الجائزة، لاسيما حول مشاركة الفنان الذي يحصل على الجائزة، إذ إنه من الأجدر ان يحظر عليه المشاركة في دورتين قادمتين على الأقل.

واختتم أحمد حديثه بأن ثمة أمورا يجب وضعها بعين الاعتبار، "في مقدمتها إنجازات الفنان ومشاركاته الخارجية وإسهاماته في المشهد التشكيلي، ويفضل ان يكون من اصحاب التجارب الثرية وليس من فئة المبتدئين".