يعقد قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قمتهم السنوية الـ 37 في مملكة البحرين بعد يوم غد الثلاثاء وسط تحديات سياسية وأمنية بالغة الدقة فرضتها الأزمات والنزاعات في المنطقة.

Ad

وفي ضوء تزايد هذه التحديات وانعكاساتها على دول الخليج تأتي القمة الخليجية المرتقبة في العاصمة المنامة حافلة بالعديد من الملفات الساخنة التي تجاوزت الأهمية الإقليمية إلى الدولية.

ويسعى قادة دول مجلس التعاون في قمتهم التي استمر انعقادها طوال أكثر من ثلاثة عقود رغم ما مرت به المنطقة من ظروف إلى الخروج برؤية واحدة في مواجهة مستجدات الأوضاع السياسية والأمنية تنطلق من الإيمان بالمصير المشترك والحرص على حفظ مصالح دول المنطقة وشعوبها.

وسيناقش القادة في الدورة الـ 37 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عدداً من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك بالإضافة إلى بحث مسيرة العمل الخليجي المشترك وسبل الخروج بقرارات تدعم طريق التكامل في جميع المجالات تجسيداً للروابط التاريخية والمصيرية بين قادة وشعوب دول المجلس.

تحضير

وعقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون في نوفمبر الماضي بالعاصمة المنامة اجتماعاً تحضيرياً للقمة الـ 37 بحثوا فيه آخر التطورات السياسية الإقليمية والدولية ومستجدات الأوضاع الأمنية في المنطقة بما في ذلك الأوضاع في سورية والعراق وليبيا واليمن والجهود الدولية المبذولة لمكافحة الإرهاب.

وعلى المستوى الأمني تبذل دول مجلس التعاون الخليجي جهوداً حثيثة لمواجهة التهديدات الإرهابية التي عانت منها بعض دول المجلس منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى الوقت الحاضر.

كما تبنت استراتيجيات وخططاً لمواجهة خطر ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لا سيما بعد تصاعد العمليات الإرهابية التي تعرضت لها مؤخراً سواء تلك التي تم تنفيذها أو تلك التي أحبطت.

وتواجه دول مجلس التعاون كذلك تحدياً أمنياً كبيراً يتمثل في التغيرات السياسية والعسكرية التي تشهدها بعض دول المنطقة مثل اليمن وسورية وعدم استقرار الأوضاع في العراق إلى جانب القضية الفلسطينية التي ظلت دوماً على أجندة اجتماعات القادة.

وعلى الرغم من العمليات العسكرية التي تنفذها قوات التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن فإن دول مجلس التعاون تؤكد دائماً دعمها للحلول السلمية وتغليب لغة الحوار بين الأطراف المتنازعة سواء في اليمن أو سورية.

الإدارة الأمريكية

أما على المستوى السياسي فتترقب دول (التعاون) شكل الإدارة الأمريكية الجديدة بعد فوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة ومستقبل العلاقات الخليجية الأمريكية لاسيما بعد اقرار الكونغرس الأمريكي قانون رعاة الإرهاب (جاستا) الذي لاقى رفضاً خليجياً وعالمياً تبعته دعوات بتحرك دولي لمواجهته.

ومنذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي عام 1981 فإن دول المجلس واجهت تهديدات عدة كان أبرزها على المستويين الأمني والاقتصادي إلا أنها تمكنت من تجاوزها بفضل حكمة قادتها.

وظهر المحور الأمني خلال العقود الماضية من عمر المجلس كأحد اقوى أوجه التعاون بين دول المجلس وتحققت انجازات وخطوات مهمة في هذا المجال منها الاستراتيجية الأمنية الشاملة التي أقرت في فبراير 1987 في مسقط وشكلت إطاراً عاماً للتعاون الأمني.

وتمت مراجعة تلك الاستراتيجية وتحديثها ليعتمدها المجلس الأعلى في ديسمبر 2008 مع إقرار لجنة للتخطيط الاستراتيجي لرصد الإنجازات الأمنية لاسيما مكافحة الإرهاب.

وإدراكا من قادة دول المجلس بأن الازدهار الاقتصادي الذي تنعم به دول المجلس لا يمكن أن يتحقق ويتطور إلا في ظل بيئة آمنة ومستقرة وانطلاقاً من المبدأ الراسخ بأن أمن دول المجلس كل لا يتجزأ صدرت توجيهاتهم السامية لوزراء الداخلية بدول المجلس بالاتصال والتنسيق لعقد لقاء لهم للتباحث وتدارس متطلبات وآليات التنسيق والتعاون الأمني بين الدول الأعضاء.

وتشكل فريق عمل من الخبراء الأمنيين في وزارات الداخلية وأعد مشروع جدول أعمال للاجتماع الأول لوزراء الداخلية الذي عقد في فبراير 1982 وتناول إرساء أسس وقواعد تنسيق وتعاون أمني هادف بين الدول الأعضاء يحقق الأهداف السامية لقيام المجلس.

وتواصلت الاجتماعات الداخلية بشكل دوري (سنوي) يسبقها اجتماعات اللجان الأمنية المتخصصة.

التعاون الأمني

وشهد مجال التنسيق والتعاون الأمني خطوات وإنجازات متقدمة شملت مختلف المجالات الأمنية بشكل عام وما يمس حياة المواطن الخليجي بوجه خاص وينسجم مع متطلبات جوانب العمل المشترك الأخرى الاقتصادية والاجتماعية والشبابية.

وشهدت الاجتماعات إنجازات منها الاستراتيجية الأمنية الشاملة والاتفاقية الأمنية والتعاون في مكافحة الإرهاب بالإضافة إلى التعاون في مواجهة المخاطر النووية والإشعاعية فضلاً عن انشاء مركز إدارة حالات الطوارئ وغيرها من الإنجازات المهمة.

وباستعراض القمم الخليجية التي عقدت منذ انشاء مجلس التعاون فإن التحديات الأمنية تتجلى في بيانات القادة المتعاقبة لاسيما أن المجلس أنشئ على خلفية التطورات الأمنية والعسكرية التي شهدتها المنطقة انذاك متمثلة في الحرب العراقية - الإيرانية.