أول ندوات مركز جابر الثقافي
افتتح مركز جابر أولى ندواته الثقافية يوم 29 نوفمبر 2016، بندوة للإعلامي القدير محمد السنعوسي الذي عمل مديراً لتلفزيون الكويت مدة 24 سنة، ثم مديراً للمشروعات السياحية، ووزيراً للإعلام.شارك بالندوة د. سعد بن طفلة الذي كان أيضا وزيراً للإعلام ومدرسا للغة الإنكليزية بجامعة الكويت، كما كان مدرسا للغة العربية بجامعة مانشستر.لا أدري من هو صاحب فكرة الندوة، قد تكون من إعداد المخرج المتميز وليد العوضي، لأنه أحسن اختيار الشخصية القادرة على استقطاب نخبة من رموز الساحة الثقافية بالكويت ومديري مراكزها، وجمهور من الشباب المثقف الواعي.
عادة، الحضور الكثيف لا يتم إلا بحضور وزير لرعاية الندوة، وبدونه غالباً ما يكون الحضور ضعيفا، ما لم تكن الندوة سياسية، أما أن تكون متعلقة بالثقافة ويكون لها كل هذا الحضور، فهي ضربة معلم من مدير مركز الشيخ جابر الثقافي وليد العوضي، إذ أدرك بحسه ضرورة وجود شخصية جماهيرية مثل السنعوسي تملك كاريزما استقطابية، وقدرةً على التعاطي والتعامل مع الجماهير بسلاسة وسهولة وحميمية، مما يعني حضورا يملأ صالة فخمة بأول ندوة للمركز المسلطة عليه أضواء افتتاحه.ليس من مصلحة المركز أن تكون ندوته ذات حضور باهت لا يسلط الضوء على دوره وفخامته وأهميته بين بقية المراكز، وهذا شيء جميل سيخلق منافسة بين المراكز الثقافية على تقديم ندوات مؤثرة ومهمة للمجتمع وقادرة على استقطاب الجماهير للندوات، خاصة مع اقتراب افتتاح مركز الشيخ عبدالله السالم، إذ ستتسع رقعة إقامة الندوات وتشتد المنافسة بين مديري المراكز على تخطيط جداول برامج الموسم الأفضل.يبقى مركز جابر صالحاً لإقامة الندوات المهمة مع شخصيات وضيوف كبار، لأنه يتسع لعدد كبير من الناس، كما أنه معلم مشرف ولائق كواجهة حضارية جميلة تبرز دور الكويت الثقافي الريادي.الندوة كانت تحت مسمى"الثقافة ترف أم بقاء؟"، وهو طرح لسؤال مهم وضروري لكل وقت ولكل أوان، خاصة وقتنا هذا المتأزم بالصراعات الدينية والعرقية والقبلية واختلافات الرأي المتشددة العنصرية.د. سعد بن طفلة أجاد في تبسيط شرح أفكاره ورؤيته عن دور الثقافة بحياة الناس واستمرارية تعايشهم بأمن وسلام عندما يتساوون بميزان العدالة الاجتماعية التي ستسهل وتقرب وترسخ من فكرة التعايش مع الآخر كمرآة له.ربما كان التبسيط من أهم سمات تسهيل وصول المعلومة والمعرفة، وهو ما قام به د. سعد، أبهجني أسلوب شرحه وتوصيله للمعلومة، خاصة لعقول لطلبته، شباب في مقتبل العمر هم بأمس الحاجة إلى فهم وتقبل الآخر. تعددت الآراء والردود والنقاشات، أثرت الندوة ووسعتها وعمقتها وأضافت لها، سواء بالاتفاق مع الطرح أو بالاختلاف معه.نحن شعوب ما زلنا نناقش ونتعصب ونطالب بأمور تخطاها العالم الغربي بسنوات ضوئية مسبارية، بينما نحن ما زلنا نتعارك ونختلف في أمور مثل: هذا سني وهذا سلفي وهذا شيعي وهذا قبطي وهذا نصراني، وهذا بدوي وهذا حضري الخ.. من نعرات إقصائية تطرفية تعصبية شيفونية عنصرية، الغرب تخطاها وتجاوزها بمراحل، فهم الآن يتحاورون ويتناقشون ويبحثون في حقوق المثليين، فمثلاً: هل يحق للرجل المتحول إلى امرأة حضور الجلسات النسائية؟ أو استعمال الحمامات النسائية، حتى وإن كان مازال ذكرا لكنه يملك مشاعر امرأة كاملة ويجب أن يمتلك مثل حقوقها؟ وأن يتعالج عند طبيب أمراض نسائية حتى وإن كان يحمل أعضاء ذكرية؟وماذا عن هؤلاء المعدلين جينيا؟ أو الأولاد الآتين من تأجير الأرحام؟وأيضا الأطفال المولودين من بنوك لبيع الحيوانات المنوية؟والأطفال المتبنين لأزواج مثليين؟ وماذا عن الطفل المولود من رحم جدته؟كل هؤلاء وقضاياهم واختلافاتهم وكيفية أوضاعهم في مجتمعاتهم وحصولهم على حقوق قانونية مثلهم مثل بقية أفراد المجتمع.. هذه اختلافاتهم ووجهة نظرهم، ولا تعكس قبولي لها. يبقى هذا مجتمعنا وتلك قضايانا المحتاجة إلى البحث والعلاج،وجيد أن تطرح ندوة بوجود كم كبير من رموز الثقافة الكويتية أمراً مهماً، ولولا جماهيرية السنعوسي وشبكة علاقاته المحبة الصديقة، لما تجمع كل هؤلاء في مكان واحد وندوة واحدة.استطاع أبو طارق بمودته للجميع وحسن تعامله وإدارته للحوار وبساطته وصداقته للكل، تحويل صالة الندوة إلى جلسة ديوانية أو قعدة حميمية ببيت، خلافاً لكل الندوات الرسمية الجامدة المتجهمة.