خاضت قوات النظام السوري أمس، معارك عنيفة ضد الفصائل المقاتلة في شرق مدينة حلب، مع محاولتها التقدم أكثر في عمق الأحياء الشرقية بعد سيطرتها على أكثر من ستين في المئة منها.

وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى «معارك عنيفة بين الطرفين تتركز في حي كرم الميسر، تزامناً مع استمرار الاشتباكات على أطراف أحياء الجزماتي وكرم الطراب وطريق الباب» وهي ثلاثة أحياء تمكنت قوات النظام من استعادة السيطرة عليها كاملة السبت.

Ad

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن مصدر عسكري قوله، إن «وحدات من الجيش بالتعاون مع القوات الرديفة تواصل تقدمها في الأحياء الشرقية لمدينة حلب، وتعيد الأمن والاستقرار إلى دوار الجزماتي ودوار الحلوانية».

وبث التلفزيون الرسمي مشاهد مباشرة من حي الجزماتي، في حين كان دوي المعارك والغارات يسمع بقوة في الأحياء المجاورة.

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن، إن «قوات النظام تسعى إلى التقدم والسيطرة على حي الشعار والأحياء المحيطة بهدف دفع الفصائل المقاتلة إلى الانسحاب بشكل كامل إلى جنوب الأحياء الشرقية».

اعتقال

وفي خطوة تثير الاستغراب، اعتقل عناصر من «جبهة فتح الشام» قياديين في فصائل سورية معارضة في حي الكلاسة بشرق مدينة حلب.

وقالت مصادر إعلامية مقربة من جبهة فتح الشام، إن مقاتلي الحركة هاجموا مقراً لفصيل «جيش الإسلام» و«فيلق الشام» في حي الكلاسة واختطفوا أبوعبدو الشيخ القيادي في فيلق الشام وعدداً من العناصر.

وأشارت المصادر إلى أن المسلحين اختطفوا صهيب سندة من جيش الإسلام واستولوا على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر.

وأكدت أنه لم تحصل مواجهات خلال المداهمة والاختطاف، وأن المختطفين عبروا بعض حواجز «الجيش الحر» الذي لم يشتبك معهم أيضاً.

المعارضة ترفض

جاء ذلك، فيما كشف زكريا ملاحفجي المسؤول الكبير بالمعارضة السورية، أن جماعات المعارضة أبلغت الولايات المتحدة بأنها لن تترك حلب رداً على دعوة موسكو لإجراء محادثات مع واشنطن بشأن انسحاب كامل لمقاتلي المعارضة من الأحياء الشرقية.

وقال ملاحفجي لـ»رويترز» من تركيا، إن الرسالة وُجهت إلى المسؤولين الأميركيين الذين جرى الاتصال بهم مساء أمس الأول بعد تصريح روسيا حليفة الأسد.

وأضاف: «نحن رددنا على الأميركيين كالآتي: نحن لا يمكن أن نترك مدينتنا وبيوتنا للميليشيات المرتزقة التي حشدها النظام في حلب».

وأجرت روسيا والمعارضة مفاوضات برعاية تركيا، وبحسب مصادر، اتفق الطرفان على خروج حوالي 200 مقاتل من «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقاً) من حلب الشرقية، لكن موسكو عادت وطالبت بخروج كافة المقاتلين مقابل تأمينهم للوصول الى إدلب.

دعوات

من ناحيتها، دعت الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة في المعارضة السورية في بيان «مجلس الأمن وكل الدول الصديقة والمجتمع الدولي عامة إلى الاضطلاع بمسؤولياتهم والعمل الفوري لإيقاف القصف والمجازر، التي تتعرض لها عدة مناطق في سورية وحلب بشكل خاص».

وطالبت الهيئة بـ«السعي الحثيث إلى إدخال المساعدات الإنسانية غير المشروطة» بعدما «أصبحت حلب مدينة منكوبة مهددة بكارثة كبرى».

وأصدرت السعودية والإمارات وقطر وتركيا، بياناً مشتركاً دعت فيه إلى عقد جلسة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن سورية.

وأوضح البيان المشترك أن الجمعية العامة للأمم المتحدة يجب أن تضطلع بمسؤولياتها المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدوليين، لاسيما في وقت أصبح مجلس الأمن غير قادر على فعل ذلك، بسبب عدم وجود إجماع.

وأشار إلى تدهور الوضع الإنساني في حلب بعدما باتت المستشفيات غير قادرة على علاج أولئك الذين نجوا من الموت.

واستنكر أن يتم التعامل مع الأزمة السورية كما لو كان الأمر عادياً، موضحاً أن هذه الظروف المروعة تؤكد أن الدعوة إلى عقد دورة استثنائية طارئة للجمعية العامة لها ما يبررها.

وأعلنت روسيا، أبرز حلفاء دمشق، أمس، إرسالها قافلة تضم أكثر من ثلاثين شاحنة محملة المساعدات إنسانية إلى «السكان الذين عانوا خلال العملية العسكرية» في مدينة حلب، وفق ما أعلن الضابط الروسي نيكولاي بونوماريوف للصحافيين في غرب المدينة. وتضم قافلة المساعدات، التي سيتم توزيعها لاحقاً، ملابس للشتاء وبطانيات ومساعدات غذائية.

غارات إدلب

على جبهة أخرى، أفاد المرصد بمقتل «52 مدنياً على الأقل بينهم ثلاثة أطفال وامراتين جراء غارات عشوائية نفذتها طائرات حربية يرجح أنها روسية على بلدة كفرنبل في ريف إدلب الجنوبي ومعرة النعمان».

وقال أحد شهود العيان ويدعى حسام هزبر (25 عاماً) إن الطائرات الحربية «استهدفت بست غارات منازل المدنيين وسوقاً شعبياً مكتظاً» في البلدة.

ويسيطر «جيش الفتح»، وهو تحالف فصائل إسلامية على رأسها «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقاً) على محافظة إدلب بشكل شبه كامل منذ صيف عام 2015.

وأعلن النظام تزامناً مع بدء الجيش هجومه على شرق حلب، بدء حملة واسعة النطاق في محافظتي إدلب (شمال غرب) وحمص (وسط).

وتعد كفرنبل من أولى البلدات التي خرجت عن سيطرة قوات النظام في إدلب. وعرفت بعد اندلاع الاحتجاجات ضد النظام السوري منتصف مارس 2011، بتظاهراتها الضخمة كما ينشط أبناؤها بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهم من أشد المعارضين للنظام السوري.