واصلت قوات النظام السوري الأثنين تقدمها داخل شرق حلب وسيطرت على حي قاضي عسكر، تزامناً مع إعلان روسيا، أبرز حلفاء دمشق، عن محادثات ستجريها مع الولايات المتحدة لاخراج مقاتلي المعارضة من المدينة.

Ad

وفيما يستعد مجلس الأمن الدولي لعقد اجتماع بعد ساعات يصوت فيه على مشروع قرار لوقف اطلاق النار في المدينة المدمرة في شمال سورية، وصفت موسكو مشروع الهدنة بأنه «استفزازي».

ميدانياً، أورد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات النظام وحلفاءها تمكنت من استعادة السيطرة على حي قاضي عسكر في شرق حلب بعد ساعات من سيطرتها بالكامل على أحياء كرم الميسر وكرم القاطرجي وكرم الطحان المجاورين له.

وبحسب المرصد، بات قرابة ثلثي أحياء حلب الشرقية تحت سيطرة قوات النظام، بعدما كانت الفصائل المعارضة تسيطر منذ العام 2012 على الأحياء الشرقية فيما تسيطر قوات النظام على الأحياء الغربية من المدينة.

وقال مراسل لوكالة فرانس برس في شرق حلب أن السكان عاشوا ليلة مرعبة تخللها قصف جوي ومدفعي عنيف، وانتشرت رائحة البارود في الأجواء، وأشار إلى أن السكان أقدموا على إطفاء الأنوار داخل منازلهم ليلاً وامتنعوا عن تشغيل المولدات الكهربائية خشية من استهدافهم بالقصف، وأمضى كثيرون ليلتهم مختبئين في الطوابق الأرضية ومداخل الأبنية مع ارتفاع حدة القصف.

وبدأت قوات النظام هجوماً في 15 نوفمبر لاستعادة السيطرة على كامل مدينة حلب، وأحرزت تقدماً ثابتاً خلال الأيام العشرة الأخيرة.

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن لوكالة فرانس برس أن «قوات النظام تخوض الأثنين معارك في حي الشعار تمهيداً للسيطرة عليه»، موضحاً أنها «باتت تحاصره من ثلاث جهات، بعدما تركت ممراً لمقاتلي الفصائل للانسحاب منه نحو الأحياء الجنوبية».

وقالت مراسلة لفرانس برس في غرب حلب أن دوي القصف والغارات في الجزء الشرقي من المدينة كان يسمع بوضوح من مكان وجودها الأثنين تزامناً مع تصاعد أعمدة الدخان من الأحياء الشرقية.

وبحسب عبدالرحمن، فإن استكمال السيطرة على حي الشعار «يجعل مقاتلي المعارضة محاصرين في جبهة صغيرة تشكل ثلث الأحياء الشرقية»، متوقعاً أن «تبدأ بعدها قوات النظام عملية قضم تدريجي للأحياء التي لا تزال تحت سيطرة الفصائل».

وبحسب عبدالرحمن، تخوض قوات النظام «عملية استنزاف للمقاتلين من الذخيرة عبر فتح أكثر من جبهة في الوقت ذاته، في حي الشعار حالياً مثلاً في وقت تستمر المعارك في حيي الشيخ سعيد والشيخ لطفي في جنوب الأحياء الشرقية، تزامناً مع هجمات من داخل الأحياء الغربية على حيي بستان القصر وصلاح الدين».

ومن شأن خسارة حلب أن تشكل نكسة كبيرة، وربما قاضية لمقاتلي المعارضة السورية.

ودفعت المعارك أكثر من خمسين ألف مدني وفق المرصد السوري إلى الفرار إلى أحياء أخرى في المدينة، بعضها تحت سيطرة النظام، وأفاد المرصد الأثنين بفرار مئات العائلات منذ يوم أمس.

وأحصى المرصد منذ بدء الهجوم مقتل 324 مدنياً بينهم 44 طفلاً جراء قصف قوات النظام على شرق حلب، في حين قتل 73 مواطناً بينهم 29 طفلاً جراء قذائف أطلقتها الفصائل على غرب حلب.

وأفاد التلفزيون السوري الرسمي في شريط عاجل الأثنين بمقتل شخصين واصابة خمسة آخرين جراء قذائف على حي في غرب حلب.

هدنة

في نيويورك، من المقرر أن يصوّت مجلس الأمن الدولي بعد ظهر الإثنين على مشروع قرار يدعو إلى هدنة لا تقل عن سبعة أيام في حلب وإلى وصول المساعدات الإنسانية للسكان المحاصرين من قوات النظام في أحيائها الشرقية، وفق ما أفاد دبلوماسيون الأحد.

وعملت على نص المشروع كل من مصر ونيوزيلندا وإسبانيا بعد مفاوضات طويلة مع روسيا التي أبدت تردداً كبيراً.

وعلى الرغم من التنازلات التي قدمتها الدول المدافعة عن مشروع القرار، لكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سارع الأثنين في مؤتمر صحافي عقده في موسكو إلى اعتبار أن «مشروع القرار هو في جزء كبير منه عبارة عن استفزاز ينسف الجهود الروسية الأميركية».

وكشف عن محادثات قريبة بين الروس والأميركيين حول خروج «كل مقاتلي» المعارضة من حلب.

وقال «كنا على استعداد للاجتماع في جنيف اعتباراً من اليوم، لكن الأميركيين طلبوا ارجاء المشاورات»، مضيفاً «من المرجح جداً أن تبدأ غداً مساء أو صباح الأربعاء بهدف وضع آليات خروج كل مقاتلي المعارضة من شرق حلب».

وعلى الرغم من عدم مشاركة روسيا في القصف على حلب منذ بدء الهجوم الأخير في منتصف نوفمبر، إلا أنها شاركت خلال الأشهر الماضية في حملة قصف جوي مكثف إلى جانب طيران النظام على الأحياء الشرقية في حلب تسببت بدمار هائل وبسقوط مئات القتلى وبتدمير عدد من المستشفيات، ما أثار تنديداً دولياً.

وقُتِلَ 72 شخصاً على الأقل غالبيتهم من المدنيين الأحد جراء غارات روسية «على الأرجح»، بحسب المرصد السوري، استهدفت مناطق في محافظة ادلب في شمال غرب البلاد.

واستخدمت موسكو حق النقض (فيتو) مرات عدة خلال تصويت مجلس الأمن على نصوص لوقف القتال في سورية.

وينص مشروع القرار الحالي على أن «يضع جميع أطراف النزاع السوري حداً لهجماتهم في مدينة حلب» خلال فترة أولى مدتها سبعة أيام قابلة للتجديد، وعلى «تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة» للسكان المحاصرين.

ويشير مشروع القرار إلى أن هذه الهدنة الموقتة ستشكل مقدمة لوقف الأعمال القتالية في كل أنحاء سورية.