ابتليت صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة الأميركية بعامين ونصف العام من العثرات، شهدت الشركات العاملة في القطاع خلالها إفلاساً وشطباً وتخفيضاً للتصنيفات الائتمانية وتسريحاً للعمالة، لكنها الآن تستعد لالتقاط الأنفاس بفضل غريمها التقليدي... «أوبك».

وسيمكّن اتفاق «أوبك» بشأن كبح الإمدادات من تعزيز أسعار النفط خلال النصف الأول من العام المقبل، وستتمكن شركات النفط الصخري من زيادة إنتاجها عقب مرور أربعة أشهر على ذلك، بحسب تقرير لـ«بلومبرغ».

Ad

ونجحت «أوبك» في 30 نوفمبر الماضي، في إقرار خطة لخفض إنتاجها النفطي بمقدار 1.2 مليون برميل يومياً، تزامناً مع مشاورات لخفض إمدادات منتجين آخرين بمقدار 600 ألف برميل يومياً.

وارتفعت أسعار النفط نحو 10 في المئة عقب الاتفاق، وعزز ذلك مكاسب أسهم شركات الطاقة في المدرجة بمؤشر «إس آند بي 500» لتزيد القيمة السوقية لصناعة النفط الأميركية بمقدار 81.3 مليار دولار.

الشركات المفلسة

كان لشركات الخدمات النفطية النصيب الأكبر من العمالة، التي تم تسريحها في قطاع النفط على مستوى العالم، التي بلغت أكثر من 350 ألف عامل خلال العامين الماضيين، وأعلنت نحو 100 شركة منها الإفلاس.

الملياردير الرائد في قطاع صناعة النفط «هارولد هام» الذي يشغل أيضاً موقع مستشار الطاقة للرئيس المنتخب «دونالد ترامب»، توقع هذا التحرك من «أوبك».

حتى إذا لم يتم خفض كامل للكمية التي أعلنت عنها «أوبك» فسوف يسهم ذلك في تسريع وتيرة انخفاض المخزونات.

تحوطات مالية

وخلال الأشهر المقبلة سيستفيد قطاع النفط الصخري من ارتفاع الأسعار، على أن يتحول إلى جني الأرباح على الإنتاج المستقبلي مع تحوطات مالية.

هذا الانتعاش المرتقب قد يشكل ضغوطاً على منتجي الغاز الطبيعي، فكلما تزايدت عمليات التنقيب عن النفط، تزايدت تدفقات الغاز، وهو ما يعرقل مسيرة الولايات المتحدة لرفع أسعاره.

ويرى محللون آخرون، أن «أوبك» قد يكون لديها دافع أقوى لرفع الإنتاج حالياً مع احتمالات خفض الأسعار في المستقبل، مما يعوق منتجي النفط الصخري من الحصول على التمويل اللازم لدعم أعمالهم.

استراتيجية ذكية

تبدو مدة الأشهر الستة المتفق أن يستمر الخفض خلالها استراتيجية ذكية للحد من الاتجاه الصعودي حال توليد شركات النفط الصخري في الولايات المتحدة للأرباح، والإبقاء على الأسعار عند الحد الذي يضمن المكاسب لـ«أوبك» فقط.

مع ذلك على المستثمرين توخّي الحذر، فالبعض يرى أن سوق النفط التي تشهد فائضاً في المعروض ستحتاج إلى مزيد من الوقت قبل التوازن. وقوة الاتفاق تعتمد أيضاً على وفاء جميع الأطراف بالتعهدات، فالسعودية والمنتجون الخليجيون متمسكون بخفض إنتاجهم أما البعض فلا، وإذا تنامت شكوك داخل السوق في هذا الصدد فستتعرض الأسعار لضغوط قوية.

أكدت «موديز» قبل أيام من إقرار الخطة أنها لن تعدل توقعاتها، وكتب نائب الرئيس الأول للوكالة «تيري مارشال» في تقرير للمستثمرين، أن اتفاقات «أوبك» صعبة التطبيق.

وبالنسبة لصناعة الطاقة العالمية التي عانت ركوداً حاداً، سيعني الاتفاق لشركات مثل «إكسون موبيل» في الولايات المتحدة و«توتال» في فرنسا تخفيف السياسات التقشفية، وربما تنتهي معاناة الدول، التي تعتمد على عائدات النفط.

وتوقع «بنك أوف أميركا» ارتفاع أرباح ما قبل خصم الضرائب لشركتي «Ecopetrol» الكولومبية و«Petroleo Brasileiro» البرازيلية اللتين تعملان في إنتاج النفط بنسبة 3 و2 في المئة على التوالي، مقابل كل دولار زيادة بالأسعار.

وآثار اتفاق «أوبك» على المدى القريب ستكون إيجابية، وستزداد الثقة في مستقبل الأسعار تزامناً مع الاتجاه الصعودي، إلى جانب تعافي قدرة الشركات على زيادة نشاطها مع نمو التدفقات النقدية.