لماذا لا تزال التعددية مهمة؟
![بروجيكت سنديكيت](https://www.aljarida.com/uploads/authors/176_1682431716.jpg)
والأنباء الطيبة هي أنه لا يعاني كل شخص مثل هذا التراجع في الرؤية، فقد وقع الاتحاد الأوروبي وكندا الاتفاق التجاري والاقتصادي الشامل، مما يمنح بصيصا من الأمل بأنه يمكن إحراز تقدم فيما يتعلق بالتجارة التي تعزز الازدهار واتفاقيات الاستثمار.ولم تكن المفاوضات سهلة، فقد واجه الاتفاق التجاري والاقتصادي الشامل مقاومة من جماعات قلقة من أن يضر المزيد من التجارة بسبل عيشهم، لكن المحادثات المطولة التي اشتملت على عملية مصادقة نهائية معقدة نجحت في النهاية في شهر أكتوبر.ولا يعد الاتفاق التجاري والاقتصادي الشامل إيجابيا لأنه يربط بين اثنين من الاقتصادات المتقدمة التي تعكس قيما ديمقراطية وفيها أنظمة رعاية قوية فقط، بل أيضا لأنه يقدم معايير بيئية وعمل وصحة نباتية عالية للتجارة، كما سيقدم دفعة اقتصادية كبيرة، ويحتمل أن يضيف نحو 12 مليار يورو (12.7 مليار دولار أميركي) للناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي في حين يدعم تجارة البضائع والخدمات بقرابة 25 في المئة للجانبين، وهذا مهم وبشكل خاص في وقت يتفوق فيه نمو الناتج المحلي الإجمالي على نمو التجارة، وهو تحول دراماتيكي عن الاتجاهات الحديثة.وثمة ميزة أخرى للاتفاق التجاري والاقتصادي والشامل، ألا وهي التقدم الذي أُحرز في تسوية النزاعات، والذي نتج عنه إنشاء محكمة دائمة يختار الاتحاد الأوروبي وكندا أعضاءها معاً لتجنب تضارب المصالح، ولضمان الشفافية فإن قرارات التحكيم سيُعلن عنها وسيكون من حق الأطراف الاستئناف. ولا تهدد نتائج الانتخابات الأخيرة التجارة فقط، بل تهدد البيئة والمناخ العالميين أيضا، والولايات المتحدة- المسؤولة عن 16 في المئة من انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري- مهمة في أي جهد يبذل لمكافحة التغير المناخي لأنها تقدم مثالا للدول الأخرى ذات الانبعاثات العالية. وحتى الآن تعهد ترامب مرارا وتكرارا خلال حملته الانتخابية بـ"إلغاء" اتفاقية التغير المناخي العالمي التاريخية التي تم التوصل إليها في باريس في ديسمبر الماضي. وإذا ما أوفى ترامب بوعده فستكون العواقب وخيمة، والأنباء المبشرة هنا هي أن باقي الموقعين على اتفاق باريس أعربوا صراحة في مؤتمر المناخ الذي عقد هذا العام في مراكش بالمملكة المغربية عن تصميمهم على تنفيذ الالتزامات التي قدموها.كما توجد أنباء مبشرة أخرى هي توصل ممثلي الحكومات والصناعة والمجتمع المدني لاتفاق الشهر الماضي يحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن صناعة الطيران المدني، وهو أول اتفاق لخفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون يتم التوصل إليه في قطاع عالمي. ومع أخذ هذا في الاعتبار، وفي سيناريوهات الطلب العالي، فإن الصناعة سينبعث عنها بحلول 2050 غاز ثاني أكسيد الكربون مماثلا لذلك المنبعث من روسيا والهند حاليا، وهذا تطور مهم وضخم.ومرة أخرى، يتمسك الاتحاد الأوروبي بموقفه في التفكير المستقبلي وتأدية دور محوري- مع دوله الأعضاء– في التوسط للوصول إلى اتفاق يطلب من شركات الطيران التعويض عن نمو انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الصادرة عنها بدءا من 2020 عن طريق شراء "وحدات انبعاث" تمنحها المشاريع التي تخفض الانبعاثات في القطاعات الأخرى مثل قطاعات الطاقة المتجددة.وفي منتصف العقد الأول من الألفية أدرك الاتحاد الأوروبي– الذي ينفذ بالفعل خطة خاصة به لتجارة الكربون- أنه على الرغم من الالتزامات التي يشتمل عليها بروتوكول كيوتو فإن العالم قد فشل في خفض الانبعاثات الصناعية، وبدأ بالعمل على إيجاد حل في 2008، وبحلول 2012 أقنع المنظمة الدولية للطيران المدني بالالتزام بالوصول لاتفاق عالمي بنهاية 2016 وتنفيذ هذا الالتزام يعد خطوة رئيسة على طريق التعاون المناخي.لقد تجاوز العالم نقطة الحدود المغلقة والحلول الأحادية، فقد أصبحنا بالفعل في قلب العولمة، ونحتاج حاليا إلى لوائح عالمية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي والعالمي، بالإضافة إلى السلام والأمن العالميين، ولم يبرهن الاتحاد الأوروبي– على الرغم من التحديات العديدة التي يمر بها- على قيمته كحجر أساس في النظام العالمي فحسب، بل عكس كذلك القيمة الأشمل للرؤية والقيادة العالميين، وذلك من خلال الدبلوماسية والتعددية الذكية، والآن وأكثر من أي وقت مضى فقد أصبح درسا لا يمكن تجاهله.* خافيير سولانا | Javier Solana ، شغل منصب المفوض الأعلى لشؤون السياسة الخارجية والأمنية المشتركة للاتحاد الأوروبي، ومنصب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ومنصب وزير خارجية إسبانيا، ويعمل حاليا رئيسا لمركز دراسات الاقتصاد العالمي والدراسات الجيوسياسية في كلية إدارة الأعمال، وزميل متميز في معهد بروكينجز.«بروجيكت سنديكيت، 2016» بالاتفاق مع «الجريدة»