بعد تباطؤ استمر نحو أسبوعين، أكد بيان عسكري حصول تقدم سريع من أطراف الموصل الشرقية نحو قلبها، معلنا ان الدبابات نجحت في الوصول الى مستشفى لا يبعد عن نهر دجلة وسط المدينة سوى كيلومتر واحد، ما يعني تغييرا في خطط المعركة ومناوراتها.

وطوال الأيام الماضية كان المعنيون يتحدثون عن ضرورة تغيير اسلوب القتال، والبحث عن خيارات جديدة للضغط على "داعش" وتشتيت قوته، بهدف انهاء معاناة المدنيين العالقين في منطقة الحرب، ووضع حد لخسائر القوات المتزايدة.

Ad

وواجه الجيش صعوبات هذا النوع غير المألوف من الحروب، ببسالة لكنه يضطر لتطوير مناوراته. ففي حرب الشوارع التي تشهدها الموصل أكبر المدن "السنية" في العراق، لا يمكن للجيش العراقي مثلاً ان يرصد بسهولة العربات المفخخة التي ستخرج فجأة من احد المنازل في الزقاق المجاور لتستهدف قوات النخبة على بعد ٥٠ مترا أحيانا، ولذلك يستعين العراقيون بطائرات مسيرة تراقب المنازل من السماء وتنجح احيانا في التنبيه الى وجود المفخخات لكي يستعد الجند لتفجيرها بصواريخ خاصة.

ويروي الجنود المصاعب الجمة التي ترافق هذا النوع من القتال، وهناك الكثير من الحكايات المتعلقة بالطائرات المسيرة ومشاكلها، فـ "داعش" نفسه يستخدم هذا النوع من الطائرات الصغيرة التي تشبه ألعاب المراهقين، وتتزاحم طائراته فوق المنازل مع طائرات جهاز مكافحة الارهاب العراقي، وقد تتفوق عليها، لأن ما يمتلكه الجيش هو طراز يعاني فقدان الطاقة بعد تحليق يدوم 20دقيقة، بينما يمتلك "داعش" طرازا افضل!

ويستخدم "داعش" هذه الطائرات لرصد عربات الجيش ومساعدة القناصين، وتجد سهولة في التغلب على المتاريس والمعرقلات التي يغلق بها الجنود الأزقة اتقاء لمخاطر الهجمات الانتحارية التي اوجعت العراقيين.

وتذكر شهادات من المعارك أن المفخخات تتحرك برشاقة بين الازقة الضيقة، ويحتاج العراقيون الى نحو دقيقتين لتفجير العربات المدرعة المفخخة، وهذا ممكن في المناطق المفتوحة، اما بين الازقة فلا يحتاج الانتحاري سوى إلى 30 ثانية للانتقال من زقاق الى آخر وتفجير عربته، وهو ما يصعب مهمة الجيش ويزيد من الخسائر.

وتقول مصادر عسكرية ان نحو 800 من قوات النخبة لقوا مصرعهم خلال ستة اسابيع من القتال، وهو رقم مخيف حين يتعلق بأفضل صنوف الجيش التي تنفَق جهودٌ وأموال طائلة لتدريبها.

وتفيد المصادر بأن القناعة تتزايد بضرورة وضع حد للضربات الموجعة التي يوجهها داعش، لاسيما تكتيك القناصين والتنقل عبر الانفاق السرية من زقاق الى اخر، حيث لم يتقن العراقيون بعد السيطرة على شبكة الاخاديد المحفورة بعناية وتعقيد.

وتحدث أكثر من مصدر عن حصول تغيير جذري في الخطط الحربية، ولا تفاصيل عن ذلك طبعا، إلا أن الأمر يتعلق باعتماد مناورات جديدة لان "داعش" تكيف مع التكتيك القديم. وعبر رصد التطورات الميدانية خلال اخر يومين، وطبقا لبيانات الجيش الرسمية، يبدو ان العراقيين سيتوقفون عن تطهير المربعات واحداً تلو الآخر، متبعين طريقة التقدم العمودي نحو العمق باتجاه نهر دجلة، بغية إحداث صدمة عند داعش والحصول على استمكانات مهمة.

وخلال الأسبوع الماضي بات "داعش" يسمح للجرحى المدنيين بالخروج من منطقة الحرب، ويصل حاليا الى اربيل نحو 30 مصابا في اليوم معظمهم حالات خطرة، وهم يشكلون في الميدان عبئا على القوات العراقية التي تقاتل وتمارس في ذات الوقت دور منظمات الاغاثة، كما تسد فراغ السلطات المدنية في ادارة المناطق المحررة التي تعيش ظروفا صعبة جدا.