عالم جين ريز

نشر في 28-12-2014
آخر تحديث 28-12-2014 | 00:00
 ناصر الظفيري صباح الخير منتصف الليل

أنا عائدة إلى وطني

تعب مني النهار

فكيف لي أن أتعب منه؟

كان نور الشمس مكاناً لذيذاً

أحببت البقاء – لكن النهار لم يردني- الآن

إذن تصبح على خير، أيها النهار.

كانت قراءتي الأولى لرواية جين ريز المقتبسة من عنوان قصيدة اميلي ديكنسون أعلاه قبل عشرة أعوام تقريبا، قبل أن أقرأ لها في ما بعد روايتها «بحر سارغاسو العريض»، وبين الروايتين عالم مليء بالاحباطات المباغتة والنجاحات المفاجئة. اقترحت يومها على الصديق محمد النبهان أن ينشر العمل مترجما، لأن أعمال جين ريز لم تترجم الى العربية ولم يعرفها القارئ العربي.

كان الهدف أن نبدأ مشروع ترجمة يتبنى الأعمال التي تستحق ولم يكن لها نصيب من الترجمة العربية. ترجمت الزميلة الشاعرة منى الصفار الرواية واقتُرح علي أن أراجعها لتصدر أخيرا.

ولدت جين ريز في الدومينيكان وانتقلت الى بريطانيا لتدرس الأداء المسرحي، وبسبب لهجتها الغريبة رفض مدير الكلية الملكية للفنون في كيمبريدج أن تبقى، وطلب من والدها أن يأخذها معه، لكنها رفضت العودة الى الكاريبي لتعيش حياة مضطربة تنتقل من زواج الى آخر ومن مدينة الى أخرى. كتبت روايتين قبل هذه الرواية ولكنها لم تحقق نجاحا، فأصيبت بحالة من الاحباط واليأس، وغابت عن الحياة العامة معتزلة الكتابة والناس.

لعبت الصدفة دورا كبيرا في احياء موهبة ريز مرة أخرى، حين تبنت «سيلما فاز دياز» الرواية وقررت مسرحتها وبثها عبر راديو البي بي سي. وكان ذلك يتطلب موافقة المؤلفة التي لا يعرف أحد أين تعيش الآن. ونشر زوج السيدة سيلما اعلانين مدفوعين في جريديتي «نيو ستيتمنت» و»نيشن» للعثور عليها وأرسلت جين ريز عنوانها ليتم الاتفاق على العمل.

بدأت الثقة تعود للكاتبة بعد سماع دار نشر «بنغوين» للعمل عبر الاذاعة واتصلت بالسيدة سيلما التي أعطتهم عنوان جين ريز، واتفقت الدار معها على نشر الرواية. وبدأ قراء «بنغوين» يتعرفون على الكاتبة التي أرسلت مطبوعتها التالية «بحر سارغاسو العريض» الى الدار ذاتها لنشرها، ونشرت الدار الرواية لتضع أدب جين ريز في متناول الأكاديميين الذين نقلوها الى الكليات الأدبية كأحد أهم الأعمال النسوية في منتصف القرن الماضي، ومازالت حتى اليوم تدرس روايات ريز، التي تصور حياة المرأة والمجتمع الرأسمالي في المدينة الغربية.

استفادت ريز من حياتها الشخصية كثيرا، حيث عاشت تحت وطأة التحول المجتمعي، وعملت في مهن مختلفة بعضها سيئ السمعة. خانتها الحياة كثيرا، أجهضها الزوج الأول واشترى صمتها بعد أن أرسلها الى باريس لينفق عليها هناك. وأنجبت من آخر ليموت عنها، وارتبطت بأحد الجواسيس في الحرب العالمية.

كانت حياتها قبل أن تفوز بجائزة أدبية رفيعة في سن متأخرة أشبه بكابوس متواصل.

حين سئلت ذات يوم عن شهرتها الأدبية، قالت» لقد أتت متأخرة.. كنت أفضل أن أكون سعيدة على كوني كاتبة».

وما صورته روايتها «صباح الخير منتصف الليل» هو تحليل حقيقي لشخصيتها وتجربتها الذاتية دون أن تكون سيرة ذاتية لها.

back to top