الدكتاتور والادب
![ناصر الظفيري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1497859964459581700/1497859964000/1280x960.jpg)
الشهوة الفاشلة نحو تحقيق انجاز أدبي للدكتاتور هي شهوة نحو خلق الزعيم المفكر وهي شهوة تصطدم دائما باللباس العسكري وتناقضه. هي شهوة لا تنسجم وكم المذابح والمقابر التي يحسنها الزعيم الضرورة ويبدع فيها أكثر من ابداعه الأدبي. القذافي كان يحلم بأن يتحول الى أسطورة كأسطورة جيفارا في أميركا اللاتينية وهو الذي استلم السلطة بعد مقتل جيفارا بعامين تقريبا. حاول القذافي أن يرتدي قبعة تميز ثورته ولكنه لم يستطع أن يصنع عقلا مفكرا تحت تلك القبعة، وهو ما فشل فيه صدام حسين أيضا الذي ارتدى أكثر من قبعة دون أن يتغير الفكر العسكري المريض تحت تلك القبعة. بالتأكيد انتبهت الأجيال الحالية في الوطن العربي الى شهوة الخوذة العسكرية وسطوة النياشين التي تزين صدور الطغاة لتثير الرعب فيهم كما أثارته في الأجيال السابقة. ورغم محاولات هذه الزعامات بارتداء الزي المدني بين لحظة وأخرى فإنها لم تتخل عن بزاتها العسكرية. الذي أضافه القذافي وصدام حسين الى الزي المدني هو محاولات الكتابة. بدلات عسكرية بكل الألون ارتداها علي عبدالله صالح والقذافي وزين العابدين وصدام حسين كانت بحاجة لصبي يفعل بها ما فعله بثياب الامبراطور.فجأة يتكشف لمتابع خطابات القذافي ضحالة فكره وسوء عباراته ورداءة خطابه السياسي والأدبي، وكأن الذي حكم البلاد لأكثر من أربعة عقود لم يتعلم حتى من طول التجربة. كلمات جوفاء، شتائم، جمل غير مترابطة وكأنه يقول للشعب لقد ضحكت عليكم أربعين سنة فأنا لم أكن الا أجهلكم.الحقيقة الأدبية تركها لنا ماركيز وهو يتحدث عن جنراله على لسان والدته: لو كنت أعرف أنه سيصبح رئيسا للجمهورية لأرسلته الى المدرسة!