انسحبت الدكتورة ليلى السبعان من ترشيحات الرابطة، ولن نناقش انسحابها لأنه خيارها ونحترمه، ولكن تصريحها بخصوص وضع المرأة الثقافي في الكويت يستحق أن نتوقف عنده لنقرأه قراءة موضوعية. كانت ملاحظة الدكتورة دقيقة وهي تتأمل صور أمناء مجالس الرابطة على مدخل الرابطة منذ تأسيسها وخلو مجموعة الصور من صورة امرأة، وهو أمر كان مقبولا في أزمان بداية الثقافة ونشأتها. وعلينا أن نقف احتراما لأصحاب هذه الصور وللأسماء التي عملت مخلصة ومتطوعة من أجل دعم العمل الثقافي والأدبي في الكويت، ولكن الزمن يتطور ودخول المرأة المجال الابداعي والثقافي لم يكن ترفاً أو الحاقا هامشيا، وانما عمل دؤوب لم يخل من الاخلاص حتى بلغ درجة التساوي ابداعيا مع الرجل.

Ad

انسحبت الدكتورة السبعان من الانتخابات الأخيرة وقد فهمت أن الوقت ليس مواتيا بعد لوضع صورة لامرأة الى جانب الصور الذكورية المعلقة على مدخل الرابطة. وليس بإمكاننا الا نتفق مع السبعان بما توصلت اليه من قناعة. أما مسألة فهم أسباب هذه القناعة فهي بحاجة الى منافشة هادئة. الأسماء النسائية في بدايات العمل الأدبي، تماما كالأسماء النسائية في أغلب القطاعات المؤسساتية كانت قليلة في بدايات تكون المجتمع، ومع نهايات القرن الماضي وصلت المرأة الى مقاعد قيادية ولم تكن أقل كفاءة فيها من الرجل القيادي. والأخوة الرجال الذين يرفضون اليوم قيادة المرأة لعمل ثقافي تطوعي هم أساتذة في الجامعات ويعملون في مؤسسات تربوية قادتها المرأة لفترات طويلة كالدكتورة فايزة الخرافي في الجامعة والدكتورة رشا الصباح في الجامعة وفي وزارة التربية والتعليم العالي. وعملوا تحت امرة نساء قدن وزارة التربية كنورية الصبيح وموضي الحمود. فلماذا كان العمل تحت قيادة امرأة في القطاع الحكومي مقبولا ومرفوضا في القطاع التطوعي الذي يعتبر أدنى رتبة؟

الاجابة عن السؤال السابق لا تحتاج الى مجهود ذهني ونختصره بأن قناعات الأخوة هي ليست قناعات ذاتية بقدرة المرأة القيادية قدر كونها قناعات الأمر الواقع المفروض.

نعود الآن الى العمل الأدبي في الكويت ودور المرأة الحالي في ازدهاره وتطوره. فالأسماء التي سجلت حضورها الابداعي في الكويت لا تقل أهمية عن الرجل ان لم تتفوق عليه في بعض الجوانب الخصوصية للابداع الأدبي. اضافة الى ممارسة بعض هذه الأسماء العمل الأدبي التطوعي في فترات سابقة كالروائية ليلى العثمان والباحثة الشاعرة نجمة ادريس. أدبيا لا يقل العمل النسائي نوعيا عن قرينه الرجالي. فالأسماء ابتداء من ليلى العثمان وفوزية شويش وبثينة العيسى واستبرق أحمد وباسمة العنزي وسعداء الدعاس قدمن أشكالا كتابية متميزة مقارنة بزملائهن. وحتى لا تبدو المسألة كأنها مباراة أدبية بين الرجل والمرأة فإن ما نعرضه هنا هو رد على من لا يرى حق المرأة في قيادة العمل الثقافي. وهو عرض يوضح أن المسألة لا تتعلق بقدرة المرأة ابداعيا ولا قياديا وانما موقف يتعلق بجنسها كامرأة بغض النظر عن كفاءتها.

في العمل الأدبي ندعو ويدعو معنا جميع المثقفين رجالا ونساء إلى عدم النظر الى العمل أو الحكم عليه بناء على جنس كاتبه أو لونه وهي دعوة نجلها ونقدرها، لكننا نؤكد أيضا أن الثقة بقدرة المرأة في قيادة العمل التطوعي يجب أن ينظر إليها بمعيار الكفاءة وليس بجنس المرشح. فالاحتكام للجنس البيولوجي أو الاجتماعي ان كان يصح في بعض المؤسسات التطوعية والدينية على وجه الخصوص فهو لا يصح في المؤسسة الأدبية الا اذا كانت المؤسسة تطرح علنا ما لا تؤمن به سرا.