لندن وعربها
![ناصر الظفيري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1497859964459581700/1497859964000/1280x960.jpg)
الذي يميز لندن سابقا هو كونها قبلة الباحثين عن مكتباتها التي كانت الملاذ للكتب الممنوعة في العواصم العربية. ولم تكن الكتب السياسية فقط هي الكتب التي تثير اهتمام القارئ العربي وانما كتب الشعر والرواية والنقد الحديث التي كانت مجرد كلمة خارجة عن سياق القبول العربي التقليدي تجعل منها كتبا محظورة لا تتجاوز حدود البلاد ولا تعرض في معارض كتابها. الأمر الذي جعل توافر هذه الكتب في منطقة تكتظ بالزوار العرب كل عام ويلجأ لها المثقف العربي هربا من القمع الفكري مشروعا ثقافيا وربحيا للمكتبة العربية في لندن.في زيارة لندن هذه الأيام يلاحظ القارئ العربي غياب هذه الحياة الثقافية بالرغم من تحول بعض شوارعها الى شبه التعريب ففي شارع العرب حاليا أو الاجويررود سابقا لا تحتاج الى اللغة الانكليزية كسبيل للتواصل بين رواده أو أصحاب محلاته العربية ومقاهيه المنتشرة على الجانبين. أغلقت أغلب المكتبات الشهيرة كالكشكول لرياض الريس والوراق والأهرام والشروق وغيرها أبوابها ولم تعد أماكن تجذب القارئ العربي الذي يبحث عن كتب لا يجدها في بلاده. بالتأكيد ليس سبب هذا التوقف عن نشر الكتاب يعود الى انفتاح عالمنا العربي وانما الى انعدام علاقة القارئ بالكتاب. فلم يعد هم العربي، مقيما كان أو سائحا، هو القراءة والمعرفة. أضف الى ذلك ارتفاع سعر الكتاب العربي في لندن وانتشار ثقافة الانترنت للوصول الى كل ماهو ممنوع ورقيا.المكتبة الوحيدة التي ما زالت تقاوم كل هذه المصاعب هي مكتبة الساقي الشهيرة والتي تعاني نقصا حادا في الكتب الحديثة وربما هي في طريقها الى التصفية. عدا ذلك أصبحت الكتب العربية المتوافرة لرواد شارع العرب هي كتب الروايات النسائية الخليجية والتي تباع في دكاكين لبيع السلع الاستهلاكية الأخرى والأفلام العربية. أعرف أن البحث عن جهة أو مؤسسة تهتم بنشر الثقافة العربية للطلبة العرب في بريطانيا وللطلبة الأجانب الدارسين للعربية هو بحث عن المجهول ولكن هي أمنية أن تقوم احدى المؤسسات بعمل كهذا لاظهار صورة مغايرة لصور العربي النمطية. فما تهدمه العامة بسلوكيات خاطئة بإمكان العمل الثقافي أن ينقضه.