النار والاقلام
![ناصر الظفيري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1497859964459581700/1497859964000/1280x960.jpg)
الحناجر الصدئة التي تطالبنا بحرق تراثنا الفكري بحجة وهم الجنس الذي يسيطر على عقول هذه الحناجر أكثر من سواهم هي الرموز التي ترى إبداعها في عود الثقاب وكومة الحطب. هذه الرموز الجاهلة ترى في جميع كتبنا التي تختلف مع توجهاتها المؤطرة وأفقها الضيق كتباً مارقة خارجة عن حدود الأدب والفعل الأدبي، ونحن لن نطالبها ببدائل أدبية لأننا نعلم، كما تعلم هذه الرموز، أنها لا تمتلكها، ولكننا نطالبها بأن ترفع يدها عن أدبنا، وترفع وصايتها عن العامة، وقبل ذلك ترفع وصايتها عن النخبة. الذين يطالبون بحرق كتاب ألف ليلة وليلة، ويعترضون على إعادة طباعته ينكرون على مبدعينا كتاباً شكّل النواة الأولى لإبداعهم، وهو بالرغم من ذلك كتاب نخبة لا كتاب عامة، ويرون في تنفيذ مطالبهم مقياس سطوتهم ونفوذهم، وإذا نجحوا في ذلك فلن يتأثر كتاب ألف ليلة وليلة الذي حفظه الغرب وأسماه الليالي العربية، وحفظته النخبة المثقفة، أما الذي سيتأثر فهو لون عصرنا الذي نعيش، وسيكثر اللون الرمادي حتى يطغى على كل بياض.ستستمر الدعوة إلى إلغاء كتب كثيرة مشابهة لألف ليلة وليلة، وسينجح المحامي الملتحي والطبيب الملتحي والنجار الملتحي في رفع قضايا حسبة على ابن الرومي، وسيعدم ديوانه المليء بالجنس، وسينجح كل ملتح ذكر بالغ عاقل في رفع دعوى حسبة على كتاب «بلاغات النساء» و»ثغر عدن» و»عشق الجواري» و»عشق الغلمان»، وسينجحون في حرق جميع كتبنا وتراثنا ليبقى لدينا كتاب واحد وحيد.لكي ننتصر على هذه الرموز الجاهلة علينا أن نطبع هذه الكتب في أي بلد يسمح لنا بطباعتها، وستصل بكل سهولة إلى كل مهتم بالتراث أو باحث أو حتى قارئ مستمتع. القلم أقوى من نيرانهم والوسائل المتوافرة اليوم ستسهل مهمة حفظ تراثنا من أعواد ثقابهم.