ثقافة العنف المدرسي

نشر في 16-05-2010
آخر تحديث 16-05-2010 | 00:00
 ناصر الظفيري «طالب متوسطة أردى زميله بطعنة وهرب»

«استسلام قاتل زميله في «متوسطة» القصور» (المزدوجان حول كلمة متوسطة من المصدر).

«طالبان مراهقان يغتصبان زميلهما في المدرسة»

«مدرس يغتصب طفلاً في غرفة في المدرسة»

المشهد يتأزم كل يوم والصمت حول المشهد يثير غرابة وعلامات استفهام كبيرة وكبيرة جداً. وحين يتصدى الإعلام للمشكلة يقوم بعرضها كخبر، وذلك أضعف الإيمان الوظيفي وأقصد به نقل الخبر. أما قمة الإيمان فتتمثل في التنبيه لخطورة المشكلة ودعوة القائمين على العمل التربوي والانضباط السلوكي إلى القيام بواجبهم.

قراءة الأخبار في أعلى الصفحة قراءة تحليلية تقودنا إلى أن الأخبار تعمدت الإشارة إلى مكان الجرائم «المدرسة»، وتعمدت تحديد القائمين بالأعمال الإجرامية «طالب، مدرس» وتحديد الضحايا بأنهم طلبة. فليس المكان الذي وقعت فيه الجرائم مؤسسة تأهيلية وإصلاحية كالسجن مثلاً وإنما مؤسسة تربوية وتثقيفية وتعليمية، والذين يمارسون هذه الأعمال الشائنة هم المتلقي/ الطالب لهذه الرسالة التربوية والمرسل/ المدرس لتلك الرسالة التربوية.

بالتأكيد الخلل الأخلاقي الذي يتطور كل يوم هو ليس ما تطمح المؤسسة التعليمية إلى الوصول إليه، ولكنه أصبح جزءاً مهماً من مخرجاتها ولا يمكن تبرئتها تماماً وبنفس الدرجة لا يمكن تبرئة الأسرة والمجتمع. هناك عنف دموي وسلوك لا أخلاقي يجتاح المدرسة، وفي المقابل تصريحات القائمين على العمل التربوي تلقي اللوم على المجتمع والأسرة، والأسرة تلقي اللوم على المدرسة. والكل يعلم أن محاولة التهرب من المسؤولية هي أولى خطوات الفشل وبداية غير مشجعة لدراسة الظاهرة وإيجاد الحلول لها.

الخطوة الأولى في الحل هي الاعتراف بالخلل. فإن قفزت «التربية» إلى الأمام وبحثت عن شركاء لتخفيف درجة مسؤوليتها فقدت قدرتها على تشخيص الخلل والبحث عن حلول حقيقية لإعادة الثقة بها كمؤسسة تربوية. نحن لا نملك مواقف مسبقة تجاه «التربية»، ولكننا نحاسبها لأنها تحتضن الأجيال التي نتوقع منها أن تتبنى أدواراً ثقافية وعلمية واقتصادية. وإذا استشرى هذا السلوك البغيض وتمددت ثقافة الكراهية في سن المراهقة فلكم أن تتخيلوا مستقبل الرجولة القادم.

لو كنا في بلد يفيض سكاناً ويعاني ظاهرة أطفال الشوارع لقدمنا العذر إلى «التربية»، لو أننا بلد فقير ونعاني عجزاً في إنشاء المؤسسات التثقيفية والتربوية والتنشئة الاجتماعية لقدمنا العذر إلى «التربية»، لو أننا أصحاب تجربة فقيرة في التعليم لعذرنا «التربية». أما ونحن غير ذلك فلن نقدم العذر إلى «التربية». بل نقول إذا فشلتم في التطوير التربوي ومواكبة العالم المتقدم فمن الأفضل أن تعودوا إلى الوراء. دعونا نعود إلى أيام المسرح المدرسي والنشاط الموسيقي والأندية الصيفية ودور المشرف الاجتماعي والاختصاصي النفسي. إذا رأيتم أن الطالب في حاجة الى مقررات ثقافة وحضارة أكثر من حاجته إلى علوم وجغرافيا وتاريخ فاجعلوا ذلك جزءاً من مقرراتكم. ألم تقوموا بتغيير وزارتكم من وزارة التربية والتعليم إلى وزارة التعليم فركزوا إذن على موضوع التربية.

إذا لم تفعلوا كل ذلك فأنتم في حاجة إلى توني بلير لديه إلمام حقيقي بالتربية ليشخص لكم ما يحدث ويضع حلولاً له، المهم أن تفعلوا شيئاً لأن الأمر جد خطير.

back to top