عبدالله بوشهري وما وراء الحلم
عبدالله بوشهري مخرج كويتي شاب، يحمل طموحا نادرا واصرارا جميلا يفتقده أغلب الشباب في مثل سنه. تعرفت اليه عن طريق اسماعيل فهد اسماعيل عبر مكالمة هاتفية قبل أشهر. وحين عاد الى أميركا أخذنا نتبادل المكالمات لساعات طويلة من دون أن نلتقي.يحمل عبدالله حلما لا يمكن لأحد منا أن يعترض عليه، ولكننا نقاسمه المخاوف التي أطاحت بأحلام سابقة، أحلام قد لا ينتبه اليها الا الذين يسعون الى البناء الجميل لأوطانهم ووضعه على خارطة التقدم خطوات قليلة للأمام، يحلم عبدالله بسينما كويتية تضاهي السينما العالمية وهو حلم غريب، كلما حقق تقدما ما أفاق على واقع يصهره ويخفيه، واقع محاط بما يشبه اليأس نحو تحقيقه.
السينما الكويتية لم تتحقق لها الاستمرارية المرجوة وسجلها التاريخي يحفل بإشارات مبهرة وجيدة، ولكنها لم تتحول من خطوة المبادرة الى خطوة الصناعة على غرار بقية الفنون الأخرى كالمسرح والدراما، السبب الرئيسي في ذلك هو الافتقار الى خطة مدروسة نحو صناعة سينما كويتية تتيح لشبابنا انتاج فيلم واحد في السنة على الأقل. وهو رقم يبدو صغيرا للقارئ ولكن لو تمكنا من ذلك في انطلاقة خالد الصديق الأولى لتمكنا اليوم من اضافة صفر الى يمينه، لكن أعمالنا السينمائية اعتمدت الفردية والجرأة المباغتة من شباب لم تتح لهم الفرصة الكافية للابداع. حين تحدثت مرة مع عبدالله بوشهري عما ينقصنا لنصبح علامة سينمائية في العالم العربي قال لى الكثير وأقنعني قليلا، صحيح نحن لا نمتلك كتاب سيناريو متخصصين، ونعاني ندرة الكفاءات التقنية، وليس لدينا مدينة اعلامية، ولكننا نمتلك شبابا طموحا وأحلاما بلا حدود، نمتلك كتّاب قصة ورواية تصلح جميع أعمالهم القصصية والروائية أن تتحول الى أعمال سينمائية رائعة، نمتلك ثلاثة ألوان يمكن لها أن تتمازج لتتحول الى علامات مهمة فنيا، نمتلك بحرا أزرق بكل تاريخه وموروثه وأساطيره؛ نمتلك صحراء خضراء/صفراء كما توحي لها الطبيعة بكل موروثها وقصصها وعلاقتها بالبحر؛ نمتلك صراع بقاء بألوانه المتناقضة وأفراحه وأحزانه وقصصه التى لن تنقطع ليس فقط عام 1990 ولكن قبل ذلك بكثير، اذا لم يكن كل ذلك يصنع لنا سينما فما الذي بمقدوره أن يصنع؟أما التقنيات والكوادر الفنية فلا أرى اثما في الاستعانة بالخبرات العربية ،المصرية تحديدا، في سبيل تعاون جاد نحو سينما جادة، جميعنا يتذكر بداياتنا الدرامية الأولى مع الراحل حمدي فريد وجميعنا يلاحظ اليوم تطور مخرجينا واكتفاءنا الذاتي.الذي لا أختلف فيه مع عبدالله بوشهري أو غيره هو الدعم المالي المفقود للانتاج السينمائي الرصين. ربما ذلك سيفقدنا مخرجا جميلا كعبدالله بوشهري كما غاب زميلنا المبدع وليد العوضي الذي عرض فيلمه «أحلام بلا نوم» في مهرجان كان ومهرجان بيروت السينمائي ومهرجان مسقط الثالث قبل أن يعرضه في الكويت بالرغم من دعم تلفزيون الكويت للفيلم، والعروض التي تقدمها دبي ومهرجان السينما هناك تبدو أكثر اغراء مما نقدمه نحن لأبنائنا. ويخطئ من يظن أنني سأطالب الحكومة بالدعم المادي لتمويل سينما الشباب ولكني أطالبها فقط بتطبيق قوانين الحماية الفكرية، أما العمل السينمائي فهو عمل تجاري صناعي بحت أطالب أصحاب رؤوس الأموال بالمساهمة فيه، أطالب الصناديق الكويتية التي تقدم دعما غير محدود هنا وهناك أن تستثمر، ولا أقول تهب في صناعة سينما كويتية. الذين ينتجون أفلام بوشهري كفيلمه الجديد «الدائرة» لا أعتقد أنهم يغامرون بأموالهم، في حين يحق لنا أن نغامر من أجل شبابنا.أعرف أن ذلك سيكون كما يوحي اسم مؤسسة عبدالله بوشهري «Beyond Dreams» ولكننا سنطالب بقلوبنا وأقلامنا لنقف مع أبنائنا ونعلم أنه أضعف الايمان ياعبدالله!