فجوة بين جيلين
ما حدث في رابطة الأدباء من هرج ومرج يأتي تأكيدا لرداءة الوضع الثقافي، وابتعادا حقيقيا عن الدور المنوط برابطة الأدباء في الكويت، فالذي حدث لم يكن خلافا في وجهات النظر بشأن إدارة شؤون الرابطة، وليس ردا على التدخلات الخارجية لأعضاء الجمعية العمومية، لكنه إشكال أكبر من ذلك، والمراقب لحدوث ذلك التراجع في الأداء وكيل الاتهامات لأطراف الصراع يلاحظ أن المشكلة الحقيقية هي العجز الكامل في ردم الفجوة الموجودة أساسا ومنذ تشكل المجلس الحالى، بين جيلين من الأدباء أو ما يعرف بـGeneration Gap.تلك الفجوة التى لم يلتفت إليها الشباب الذين تحمسوا للدخول في مجلس الرابطة، وكذلك لم يلتفت اليها الجيل الأكبر سنا، وهو يحاول تغيير صور الرابطة النمطية. ولكي لا نقف موقفا مؤيدا لطرف دون الآخر، نؤكد أن النتيجة التي آلت اليها الأمور محصلة حتمية لمحاولة تهجين حاول الطرفان استغلالها لمصلحته فانقلبت الطاولة على الطرفين.
سنبدأ أولا بجيل الشباب وأعترف مسبقا بأنني كنت ومازلت متحمسا لهم، وسأبقى كذلك لسبب بسيط وهو أنه عاجلا أم آجلا ستؤول أمور الرابطة اليهم. الشباب الذين دخلوا القائمة، والذين يشتكون اليوم من تدخل أعضاء الجمعية العمومية من خارج مجلس ادارة الرابطة، لم يدخلوها من دون موافقة هؤلاء الأعضاء الذين حددوا لهم الأطر العامة للعمل القادم. وأنا هنا لا أذيع سرا لا يعرفه أحد، فالقائمة التى نالت أغلبية المقاعد خرجت من معطف الجيل الأكبر سنا، وربما هي وافقت على ذلك رغبة في الدخول الى المجلس كخطوة أولى ومحاولة فرض أجندتها الخاصة في خطوة لاحقة. تلك الخطوة التى انتبه لها الأعضاء الأقدمون فقاموا بقطع الطريق وإعادة الأمور إلى نصابها السابق. اللوم الذي أوجهه إلى الإخوة الشباب هو خطأ الخطوة الأولى، كان عليهم أن يتقدموا ببرنامجهم إلى أعضاء الجمعية العمومية وتشكيل قائمة مستقلة بعيدا عن مباركة أحد وتزكيته. فالغاية هنا لا تبرر الوسيلة والعمل الجاد نحو تغيير جذري في العمل النقابي لا يحتمل المهادنة أو الاقتناع بنصف المكسب، أما اذا كان الهدف هو فقط الدخول إلى مجلس الرابطة فلا أرى سببا لكل هذه الضجة. ولكي لا أكون متجنيا عليهم أذكرهم بالقائمة المستقلة من زملائهم والتي فازت منها الزميلة استبرق أحمد بالمركز الأول.اللوم الثاني أوجهه الى الإخوة الأكبر سنا والأكثر خبرة من أعضاء الجمعية العمومية، لقد آن الأوان لفسح المجال للشباب أو الصف الثاني على الأقل من الأدباء للنهوض بالعمل الثقافي بعيدا عن التدخل واعطائهم الحرية الكاملة للعمل بما يرونه مناسبا. فالرابطة ليست حكرا على فئة دون أخرى والجيل الذي جاء بعدكم والجيل الذى لحق به لا يعاني القصور المعرفي أو النقابي وليس بحاجة إلى وصاية من أحد، دعوهم يعملوا واتركوا الحكم عليهم للجمعية العمومية التى انتخبتهم.الفجوة بين الجيلين ردمها يتمثل في تشكيل قائمتين مستقلتين ومنح الثقة للقائمة الفائزة للعمل بحرية كاملة. والذي يجب أن يدركه الجميع أن رابطة الأدباء احدى جمعيات النفع العام وعملها يخضع لقوانين وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وهي ـ أي الوزارة ـ صاحبة الحق في محاسبة مجلس إدارتها على أي بيان أو نشاط ثقافي تقوم به، ولا أعتقد أن أديبا ما يرغب في أن يكون ملكيا أكثر من الملك.