أنا لست ضد استضافة الأدباء العرب من شعراء وروائيين ونقاد للمهرجانات العربية، لكنني ضد تكرار أسماء كرست نفسها ولا يكاد يخلو مهرجان أدبي من وجودها، وكأن البلاد التي تنتمي اليها هذه الأسماء خلت من الأدباء والشعراء، أو كأنما القائمون على هذه المهرجانات لا يعرفون غير تلك الأسماء فيكررون لها الدعوات كل عام. هل يمكن أن نصدق أن مصر الولادة لم تنجب لنا شاعرة سوى فاطمة ناعوت -هذا إذا سلمنا جدلا أنها شاعرة- فتتكرر زياراتها لكل مهرجان عربي ثقافي من المحيط الى الخليج؟

Ad

أنا أعلم أن الإجابة عن السؤال أعلاه هي لا. ففي مصر وغير مصر الكثير من الأسماء والأصوات الشعرية التي تستحق أن تحصل على فرصة لقاء الجمهور ولو لمرة واحدة في حياتها، لكن الخلل يكمن في سياسة الدعوات «الثقافية» التي تتناقلها المؤسسات الثقافية الرسمية في الأقطار العربية. وأكاد أجزم أن كل مؤسسة لديها قائمة بأسماء مجموعة من الشعراء والأدباء يتم تدوير دعواتها بين الحين والآخر، ولا يوجد تبرير آخر لوجود ذات الأسماء في مهرجان ثقافي في اليمن ثم مهرجان آخر في دمشق وهكذا.

ولكي نكون منصفين مع أنفسنا أولا فهل الهدف من دعوة شاعر أو شاعرة لمهرجان يستمر أسابيع هو إلقاء قصيدة أو أكثر مدة نصف ساعة أو أقل؟ هل تمتلك الشاعرة القدرة على إلقاء محاضرة نقدية أو دراسة مهمة عن الشعر في بلدها أو بلدتها ليفيد الجمهور من حضورها؟ لو كان الأمر كذلك لاستدعى عدم تكرار الدعوة حتى نلقي الضوء على أكثر من مشهد شعري ومدرسة شعرية من مختلف أقاليم ومناطق الشعر العربي، لكن المسألة وللأسف ليست كذلك.

إذن الأسباب التي تقف خلف تكريس أسماء بعينها لا علاقة لها بخدمة المتلقي أو توسيع مداركه وآفاقه المعرفية واطلاعه على تجارب عربية متفردة ومتنوعة، إنما وبمنتهى الصراحة هي دعوات استجمام وراحة ثقافية في فنادق خمس نجوم وتكريس اضافي لأسماء لا تستحق ومجاملات بين المؤسسات الثقافية العربية.

الأمر ليس مقصورا على المهرجانات العربية فشاعر كأحمد الشهاوي أصبح يعطي إيحاء بأن الشعر في مصر سيموت في حال افتقاده، ففي كل مهرجان عربي وعالمي للشعر يعلن الشهاوي نفسه ممثلا للشعر المصري ونائبا وحيدا له.

وحتى لا يعتقد البعض أنني أهاجم الشاعر والشاعرة ـ بالرغم من موقفي الواضح من قدراتهما الشعرية مقارنة بغيرهماـ فإنني أدعو القارئ الى مراجعة الأسماء التي تتكرر في جميع المهرجانات الأدبية في الكويت على وجه التحديد أو غيرها لو أراد، ليتضح لنا أن الطريقة المتبعة في الدعوات العربية هي تبادل هذه الدعوات بين مجموعة من الأفراد الذين ينتمون إلى هذه المؤسسات الثقافية العربية، ففي أغلب المهرجانات يتم توجيه الدعوة من مؤسسة الى أخرى لاختيار من يمثل الوطن وليس المؤسسة شعرا، والمؤسسة هنا تختار الأقرب لها، والذي يبقى قريبا لمدة طويلة وهي مدة مرتبطة بطول بقاء القائمين على هذه المؤسسة، ولأنها مؤسسة عربية فلكم وحدكم تقدير كم سيبقى القائمون عليها!

الحل الذي ينصف الجميع، هو إما أن نسمي ضيوف المهرجانات بأسماء مؤسساتهم وليس بأسماء أوطانهم، أو نوكل ترشيح أسماء الضيوف لمجموعة من الشعراء خارج إطار المؤسسة الداعية.