قصيدة لرجل كندي من أصل صيني لا يعرفه أحد

Ad

قرار إداري:

«على الصيني أن يركب دائما في مؤخرة القطار

يحظر على الصيني أن يقترب من البيض في مقدمة القطار»

يصطدم القطار بقطار آخر أمامه

يموت الأبيض في المقدمة وينجو الصيني في المؤخرة

قرار اداري جديد

«على الصيني أن يركب دائما في مقدمة القطار

يحظر على الصيني أن يقترب من البيض في مؤخرة القطار»

يصطدم بالقطار قطار قادم من الخلف

يموت الأبيض في مؤخرة القطار وينجو الصيني في المقدمة

قرار اداري جديد

«يستطيع الصيني أن يركب أينما يريد»

منذ فارقتك وأنا منشغل فيك بك ومنشغل بك عليك، يحزنني أن دمك ودموعك تمر بين أصابعنا وليس بإمكان أحد أن يتلمس جراحك. ليس بإمكانى أو بامكان أحد أن يمنعك من النزيف. ليس بإمكان أحد أن يضع يده على كتفك ويخفف وجعك. وأنت قدرك أبدا أن تكون وحدك. تئن وحدك وتمرض وحدك وتتغلب على الجراح وحدك. الذي يضع سكينه في ظهرك ويترك جرحك غائرا يظن أنه يحبك أكثر والذي يفاخره في عشقك يترك نصله في صدرك.

أحبابك الذي يتوحدون فجأة أمام أعدائك يمنون عليك ويختصمون أمامك فيك دون أن يزعجهم صوت خوفك منهم وغضبك عليهم وهم يتشاجرون على تقطيع أوصالك وأنت تأكل قلبك وأطرافك كي تجمعهم تحت جناحك المنكسر.

لو كنت في زمن سابق لقلت لن يعرف معناك سوى من افتقدك، ولكن في زمني هذا أعرف أنهم يعرفون مرارة فقدك وليسوا بحاجة مثلي لفقدك مرتين. ما تتعرض له اليوم على أيدي من يفترض أنهم أحبابك لا يسر أبناءك الصامتين الصابرين وهم يضعون أياديهم على قلوبهم حزنا وخوفا عليك. أبناؤك الصامتون قلقون عليك ولا يملكون سوى الدعاء لك. أبناؤك العقلاء تخفت أصواتهم وسط هذا الضجيج العالي ويضيع نداؤهم الهادئ بين الأصوات الأكثر حدة والأعلى نبرة. فتشعر أنك مرة أخرى وحدك بين عقوق الأبناء وشماتة الأعداء.

سأقول لك يا وطني، ولتسمح لي قليلا، أنت أول أسباب نكرانهم لك. منذ أن فقدوا رائحة العرق في بنائك أنكروا قدرك. منذ أن رغد لهم العيش وتجنبوا شظف الحياة وهم يتبارون أيهم مترف القرية في الكتاب الكريم.

منذ آويتهم من هجير الظهيرة في الصيف ورعشة البرد في الشتاء لم يشعروا بك عريانا نمت أو جائعا صحوت. يمنعون فتعطي، يسيئون فتغفر، يعقون فترحم. تتذكردائما قلوب آبائهم وطيبة أجدادهم ويجحدون.أصبحوا يختلفون على المقاعد فيك، الذين في الأمام يسخرون من الذين في الخلف والذين في الخلف يفخرون على الذين في الأمام. تماما كما حدث في قطار الرجل الصيني. المصيبة أن القطار الذي سيصطدم بهم لا يفرق بين مقاعد الأمام ومقاعد الخلف.

لم يبق لدي ما أقوله ولكني رجل أحب وطني وأخاف عليه وأحبه الآن أكثر في غيابي عنه لأننى مخلص في حبه لا أنتظر منه شيئا سوى أن يحفظ تاريخي الجميل فيه وليس لى مطمع سوى أن أدفن فيه. وأنا وكل من ينظر الى هذا الوطن الصغير الجميل من بعيد يضع يده على قلبه مما يحدث فيه ويضم صوته الى أصوات عاقلة كثيرة والى نداء الوطن لكم:

«لا أضيع منكم مرتين!»