ورطة الرفاعي
التصريح الذي أطلقه الدكتور جابر عصفور لـ»اليوم السابع» مباشرة بعد إعلان القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية، والذي قال فيه: «لا يصح مطلقا أن يترأس لجنة تحكيم الجوائز واحد من الأدباء، لأن الإحساس بالغيرة غريزي، فكيف نجلب كاتبا من الدرجة الثانية ونجعله رئيسا للجنة التحكيم»، ونحن لا نختلف مع الدكتور الفاضل في مسألة الغيرة الغريزية للكاتب لأنها شعور طبيعي لدى البعض لا نستثني أنفسنا منه، ولكن السؤال هو لماذا اكتشف جابر عصفور الآن بالذات أن طالب الرفاعي كاتب من الدرجة الثانية؟ هل كان عصفور يجهل من هو رئيس لجنة التحكيم قبل إعلان النتائج وخروج علوية صبح من القائمة القصيرة؟ أم أن طالب الرفاعي أصبح كاتبا من الدرجة الثانية لأنه صوّت ضد الرواية التي رشحها جابر عصفور بقوة؟ ولأنها طبعت أكثر من مرة رغم صدورها منذ فترة، كما قال هو في ذات التصريح، لا يعني أنها تستحق الجائزة. كتاب اعتماد خورشيد كان يطبع شهريا فهل له قيمة أدبية أو سياسية؟! رواية منصورة عز الدين التي بقيت في الجائزة، وأنا هنا أختارها مثلا لأن كاتبتها أنثى ولأنني قرأتها كما قرأت رواية علوية صبح، لم تطبع أكثر من مرة ولكنها تستحق الاستمرار لنهاية المطاف، وأنا هنا أحتكم الى ذائقتي الفنية وليس للمسألة القطرية، فمصر ولبنان لهما ذات المكانة في نفسي، أما اذا كان جابر عصفور يرى غير ذلك فليسمح لطالب الرفاعي بأن يخالفه.
ولكي لا أبدو مدافعا عن طالب الرفاعي وهو بالتأكيد أقدر في الدفاع عن نفسه، ولكي لا أتهم بالقطرية أيضا فسأهاجم الزميل الرفاعي. الورطة التي وضع نفسه فيها وهو في منأى عنها وقبوله رئاسة التحكيم لجائزة الرواية، وهو روائي في لجنة لا تضم أشخاصا لهم علاقة بنقد الرواية سوى شيرين أبو النجا أستاذة الأدب المقارن، ورطة ما كان يجب أن يقع فيها وهو ما زال يبحث عن صوته الروائي على الخريطة العربية. شيرين أبو النجا أيضا ورّطت الرفاعي أكثر وانسحبت من اللجنة، ولم تكن تتعرض لوعكة صحية، كما قال الزميل مبررا غيابها على الطريقة العربية، أما سيف الرحبي فهو شاعر لا أعرف له دراسات أدبية في نقد الرواية، وهو أيضا اختفى وبرر الرفاعي غيابه بوعكة صحية مماثلة، ورجاء بن سلامة ينطبق عليها ما ينطبق على الشاعر الرحبي، فليس لها دراسات أدبية في نقد الرواية. الوحيد الذي يهتم بالرواية ويكتبها هو طالب الرفاعي نفسه. تلك الورطة جعلته المعني الأوحد بالأمر، وربما ذلك ما جعل جابر عصفور يلقي اللوم عليه ويوجه الاتهام إليه.المسألة الأكثر أهمية هي أن الجائزة التي عمل بها طالب الرفاعي جائزة مشبوهة، وكان إسماعيل فهد إسماعيل، القريب جدا من طالب، صرّح بأنها جائزة مفضوحة ومشبوهة، ولولا رعاية مؤسسة الامارات المالية لها لما اهتم بها شمعون وجمانة حداد وهما، وطالب الرفاعي يعلم ذلك جيدا، أبعد ما يكونا عن الرواية وفنياتها. مشكلة الجائزة اذن في لجنة التحكيم التي يهرب منها النقاد أصحاب الخبرة والمعرفة، أو يتجاهلهم «الأمناء» على الجائزة لتمرير من يريدون واقصاء من لا يريدون لاعتبارات غير فنية، أتفق مرة أخرى مع الدكتور جابر عصفور على أنه لا يجوز أن يحكم جائزة الرواية روائي ولا جائزة الشعر شاعر ولا جائزة النقد ناقد، والأمنية الوحيدة هي أن تعيد المؤسسة الراعية للجائزة هيبة الجائزة الغائبة، وتختار مجموعة من النقاد العرب الأكفاء في لجان التحكيم، لا يتحكم فيهم من هو أقل شأنا منهم، اذا أرادت أن تكون البوكر العربية قريبة نوعا ما من البوكر الأصلية.