المقاومة الأخيرة ضد الشعبوية
في أعقاب استفتاء البريكست في يونيو في المملكة المتحدة وفوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في أوائل هذا الشهر، من الممكن أن تقع فرنسا أيضا ضحية للقوات الشعبوية المدمرة، وذلك إذا اختار الناخبون مارين لوبان عن الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة رئيسة لهم.
![بروجيكت سنديكيت](https://www.aljarida.com/uploads/authors/176_1682431716.jpg)
لكن ميركل لا تستطيع حمل هذه الشعلة لوحدها، يجب أن تقف فرنسا جنبا إلى جنب مع ألمانيا، كما فعلت سابقا، ولكي يحدث ذلك يجب أن تكون فرنسا صلبة وقوية وواثقة من نفسها مثل ألمانيا، ويجب أن تجدد نفسها، مسترشدة بقيمها الخاصة الطويلة الأمد، القيم التي لا تشاركها لوبان وجبهتها الوطنية.فرنسا ليست بحاجة لتتوافق مع القوة الاقتصادية لألمانيا، وما يمكن تقديمه في الوقت الحاضر ليس أقل أهمية، وبالنظر إلى مواجهة أوروبا لمجموعة من التهديدات الخارجية، مثل الاضطرابات في الشرق الأوسط والمغامرة الروسية، والتحديات الداخلية كالإرهاب الداخلي، لا يمكن للأمن والدفاع أن يأخذا المقعد الخلفي للسياسة الاقتصادية، وفي هذه المجالات لدى فرنسا مزايا حقيقية نسبيا. نظرا للمخاطر التي تواجه أوروبا، ناهيك عن نزعات ترامب الانعزالية، فإن العلاقة الفرنسية الألمانية ستتولى مزيدا من الأهمية الإقليمية والعالمية، ومع قيادة لوبان ستعاني هذه العلاقة بشكل مؤكد، مما سيقود الأحداث في اتجاه خطير. ومن المؤكد أن نظام التصويت من جولتين في فرنسا، والذي يضمن حصول الرئيس على دعم أغلبية الناخبين، يجعل من غير المحتمل أن تفوز المرشحة المتطرفة لوبان بمنصب الرئيس. (على النقيض من ذلك، في الولايات المتحدة، حصل ترامب على أكثر من مليوني صوت أقل من منافسته، وخسر جورج دبليو بوش التصويت الشعبي لمصلحة آل غور في عام 2000 بأكثر من نصف مليون). لكن نظرا للاضطرابات الانتخابية التي حدثت في الآونة الأخيرة، لن يطمئن الألمان حتى بعد أن يتم فرز الأصوات، على كل حال إذا ما تمكنت لوبان من النجاح في نظام الانتخابات بفرنسا فإنها ستكسب ولاية قوية وحقيقية لتنفيذ السياسات التي ستتنكر لكل تعاون مع ألمانيا لما بعد الحرب، كما سترفض الاتحاد الأوروبي. بالطبع لدى ألمانيا تحديات سياسية خاصة ينبغي التغلب عليها، في ظل الانتخابات الاتحادية المقررة في أكتوبر المقبل، كما أخذت الانتخابات الأخيرة منحى شعبويا بشكل مثير للشكوك، وخصوصا في ما يتعلق بقضية اللاجئين، مع فوز حزب بديل ألمانيا، الجبهة الوطنية الألمانية، مؤخرا في بعض المناطق. ولكي تظل ألمانيا دعامة للاستقرار كما كانت عليه في السنوات الأخيرة، عليها تجنب الذهاب أبعد في هذا المسار، وبدلا من ذلك عليها تسليم ولاية رابعة لميركل. لحسن الحظ لا يزال هذا السيناريو محتملا، وإن كان غير مضمون.على أي حال سيتم تحديد المسار السياسي الفرنسي قبل الألماني، ولضمان مستقبل آمن ومزدهر يجب على الناخبين الفرنسيين تأييد مرشح يتحلى بالسلطة، والحكمة، والخبرة، والذي سيكون على استعداد وقادر على إجراء الإصلاحات اللازمة على وجه السرعة دون إحداث تفاقم الانقسامات الاجتماعية، شخص مختلف تماما عن مارين لوبان، وفي قيامهم بذلك سيثبتون أن الموجة الحالية من الشعبوية اليمينية يمكن مقاومتها، وسيعطون المشروع الأوروبي فرصة حقيقية للنجاح المستمر.* دومينيك مويزي | Dominique Moisi ، مستشار أول في معهد مونتين في باريس.«بروجيكت سنديكيت، 2016» بالاتفاق مع «الجريدة»