«خليجنا واحد»... لماذا؟
أكرر طرح فكرة الكونفدرالية لأنها الأنسب للجميع، فهي توحيد للوزارات الرئيسة كالمالية والدفاع، مع تعزيز جميع الميزانيات بتوحيد العملة، مع حفاظ جميع الدول على كامل سيادتها وتمام دساتيرها، فدبي تبقى دار الحي، والمدينة المنورة منار التورع، والبحرين تنفني اضطراباتها الديمغرافية، والكويت تنعدم احتمالية تكرار غزو 1990 لها.
أخطار على مدار الساعة، وتأخر تنموي ومؤسسي، وتهشم عسكري (أرض، جو، بحر)، وتبعثر اقتصادي ونزيف نفطي. هذه مجمل أحوالنا الخليجية، ولحسن الحظ أن أي مشكلة في أي دولة خليجية حلها يكمن عند أختها. وِحدة لُغة، بل تطابق لهجات، تصاهر قَبَلي بل ذوبان أُسري، تشابة تراثي بل عادات تقليدية واحدة، نحن لا نتشارك أغصان شجرة عائلة بل نحن الشجرة، وهذا المقال لا يدعو لتوحيد شبه الجزيرة العربية كما كان، إنما يدعو لإتمام السبب الرئيس لتأسيس مجلس التعاون الخليجي، ألا وهو اندماج الأعضاء الستة. ولكن كيف؟
أمير القلوب جابر الأحمد الصباح وأخوه ذخر العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمهما الله أَسَسَا المجلس في 25 مايو 1981، فكان وما زال المقر في الرياض قائما منذ ذلك التاريخ، لكن خادم الحرمين الشريفين «أبو متعب» قبل وفاته، رحمه الله، في مؤتمر القمة الأعلى، وفي حضرة جميع حكام الخليج قال: «أطلب منكم إخواني اليوم، تجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد يحقق الخير ويدفع الشر». ولكن ما الخطوة العملية؟ وما الفائدة من الاتحاد؟ وما الكونفدرالية أساساً؟ أما عني أنا الكويتي ابن درة الخليج فإنني أقرأ الواقع وأعي خطورة تأخرنا بتحقيق هدف وضعه حكامنا أنفسهم، ولا أحتاج تذكير بني جلدتي بالخطر الذي يحدق بدمائنا وأعراضنا، فلذلك أكرر طرح فكرة الكونفدرالية التي تكون هي الأنسب للجميع، فهي توحيد الوزارات الرئيسة كالمالية والدفاع، مع تعزيز جميع الميزانيات بتوحيد العملة، مع حفاظ جميع الدول على كامل سيادتها وتمام دساتيرها، فدبي تبقى دار الحي، والمدينة المنورة منار التورع، والبحرين تنفني اضطراباتها الديمغرافية، والكويت تنعدم احتمالية تكرار غزو 1990 لها، والسلطنة تتماهى برفاهية عيش مواطنيها مع مستوى إخوتهم الخليجيين، وقطر لن يتجرأ عليها روسي يهدد مسحها من الخريطة. أسعار النفط تنخفض، وبورصة الكويت مشروخة، والإرهاب طال المسجد النبوي في السعودية، والبحرين أوشكت على الغرق، وعُمان تزداد ارتباكاً، والإمارات العربية المتحدة تعتاز التدرع، والتاريخ يؤكد لنا ضرورة احتضان الجانب القطري.أما حان إخماد النيران بتكاتف الجيران؟ فالكونفدرالية لا تعني هيمنة دولة على أخرى، إن هي إلا تدرجٌ حضاريٍ طبيعي لأي دول تريد تحويل اللُقمة إلى وليمة، فكيف لكونفدرالية سويسرا الشمالية وغانا الإفريقية والاتحاد الأوروبي أن تحقق الاندماجية رغم فرقتها اللغوية واختلافاتها العقدية؟ إنه منطق المصلحة العامة الذي يتسابق إليه أي عقل مدني، فما بالك بإخوة دين ولغة يعيشون في مساحةٍ هي أصغر من ثُلث أميركا الشمالية؟