دونالد ترامب كثيراً ما أبدى خلال حملته الرئاسية استخفافه بالاتفاقات التجارية، التي فاوضت الولايات المتحدة عليها، وخصوصاً اتفاقية التجارة الحرة للقارة الأميركية الشمالية "نافتا"، التي اقترحت أولاً في عهد إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الأب، ثم أبرمت في عهد الرئيس بيل كلينتون.

وفيما يلي مقتطفات من كلمات ترامب في محطة "ABC":

Ad

- "سوف نعيد التفاوض حول نافتا، التي قد تكون أسوأ اتفاق تجاري تم إبرامه في تاريخ العالم".

- "إذا لم نحصل على الاتفاق الذي نريد، فسننسحب من النافتا ونبدأ التفاوض من جديد، وسنحصل على اتفاق أفضل منه بكثير".

كان أحد الوعود الرئيسية في حملة ترامب الرئاسية إلغاء اتفاق "نافتا" وإعادة التفاوض حول الترتيبات مع كندا والمكسيك، وفجأة توقف تدفق الوظائف إلى المكسيك والمواطنين الأميركيين، وخصوصاً أولئك الذين يعيشون في ما كانت معاقل صناعية توجد الآن، فيما يعرف باسم "حزام الصدأ Rust Belt".

لكن بعد أن تبين أن الوعد بالحفاظ على وظائف شركة كاريير يقل كثيراً عما بدا عليه، وعدم وجود رافد للتقدم يبدو الحديث عن تمزيق اتفاق "النافتا" مجرد كلام فقط. دعك من إلغاء ذلك الاتفاق، فبحسب تقرير في الكابيتول هيل بدأ فريق ترامب الانتقالي بالتراجع عن القول إن أيام "نافتا" باتت معدودة.

ونسب الكابيتول هيل إلى أنتوني سكاراموتشي، وهو كبير مستشاري ترامب حول تأثير "نافتا" قوله أمام مجموعة من قادة الأعمال: "أنا لا أظن أننا نتطلع إلى تمزيق نافتا بقدر ما نتطلع إلى وضعها في حجمها الصحيح وجعلها أكثر عدلاً. ولا أظن أن أحداً في الإدارة من الأعلى إلى القاع يتطلع إلى الحمائية، ونحن نفهم الضرر والتأثير، الذي سوف ينجم عن ذلك".

بدلاً من إعادة التفاوض

وبدلاً من إعادة التفاوض بصورة تامة، يتحدث فريق ترامب عن تعديلات غير محددة الشكل.

وقد يرجع جزء من ذلك إلى العديد من الشكوك المتعلقة بتأثيرات "نافتا" على فرص العمل، بحسب موجز صدر عن مجلس العلاقات الخارجية. ويقول البعض، إن الوظائف الجديدة ترجع إلى زيادة التجارة، التي خلقها الاتفاق. ويشير آخرون إلى فقدان وظائف تركزت في ميادين مثل التصنيع أو العجز التجاري الواسع والمتزايد، الذي تشهده الولايات المتحدة مع المكسيك، الذي شكل عند 54 مليار دولار في سنة 2014 تغيراً ضخماً 1.7 مليار دولار في سنة 1993.

كما كانت هناك زيادة تقدر بـ0.5 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي الأميركي.

ربما يفضي تغيير "نافتا" إلى إغضاب العديد من الشركات، التي تستفيد من الأسواق الأكثر انفتاحاً، والقدرة على نقل العمل وراء الحدود الجنوبية حيث الأجور أدنى بقدر كبير. وإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من أن أنصار ترامب قد يتوقعون تغييراً كيفما اتفق، فإن ذلك ليس ممكناً.

و"نافتا" معاهدة صادق عليها الكونغرس الأميركي والتغييرات تعني تعاوناً من جانب المكسيك وكندا، لأن كل التعديلات يجب أن ثلاثية الأطراف.

والأكثر من ذلك، وبموجب قوانين "نافتا" توجد ثلاثة شروط فقط تسمح بحل للنزاع وهي: يشتمل الفصل 11 من المعاهدة على آلية لتسوية نزاعات الاستثمار يستطيع المستثمر من خلالها الإدعاء بأن الحكومة المضيفة انتهكت التزاماتها.

وليست المشكلة هنا. ومامن أحد يدعي أن المعاهدة انتهكت. ويدور الادعاء حول ظهور مشكلات نتيجة طريقة عملها كما تم التفاوض بشأنها.

وفي حالات الإغراق والمساعدات أو الرسوم العقابية كما تحددت في الفصل 19 تستطيع صناعة ما أن تطلب مراجعتها من قبل هيئة.

ويشكل هذا التفافاً على المراجعة القضائية، لكنه يعتمد على شعور الشركات الخاصة بأنها تعرضت لظلم.

وتوجد أيضاً عملية حل النزاعات في الفصل 20 حول الاختلاف بشأن ترجمة تطبيق "نافتا"، لكن لا توجد مشكلة هنا، والشيء الذي لا يحبه ترامب والعديدين هو تصميم الاتفاقية كما كان الهدف منها.

ولا يبدو أن للعمال أي ملجأ بموجب المعاهدة، وهذا يقتصر على الدول والصناعات والشركات والمستثمرين. واذا أقلع ترامب وفريقه عن وعده "بتمزيق تلك الاتفاقات التجارية"، فإن عملية بطيئة لتحقيق إجماع بين بلدان أميركا الشمالية تبدو الطريقة الوحيدة لإجراء تغييرات، خصوصاً مع كون حديث ترامب عن تعرفة انتقامية ضد الشركات التي تنقل الوظائف إلى خارج البلاد سوف يحتاج إلى موافقة الكونغرس، كما أن الحزب الجمهوري، لا يبدو ميالاً إلى دعم مثل هذا الإجراء.