الزيارة التاريخية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، حفظه الله، إلى الكويت جاءت لتأكيد عمق العلاقات الأخوية والتاريخية ومتانة الترابط الشعبي بين البلدين الشقيقين، وما يجمعهما من مصير مشترك يمتد تاريخه إلى قرون عدة من الزمن، صنعه الآباء والأجداد، وحافظ عليه الأبناء، فازدادت العلاقات ثباتاً وقوة بين الدولتين، ووصلت إلى مستوى التآخي، فأصبحت القيادتان والشعبان أسرة واحدة يربطهما ماض عريق وحاضر مجيد ومستقبل مشرق مفعم بالأمل.

وفي حقيقة الأمر فإن ما يجمع بين الكويت والسعودية ليس علاقة مصالح أو جوار كباقي الدول بل هي علاقة أنساب وأرحام وأخوة أبدية، ومن يرَ أهل البلدين وهم يتنقلون بكل مرونة وهدوء وأمان وكأنهم مواطنون لدولة واحدة يدرك قوة ومتانة هذه العلاقات والروابط المشتركة، ويوجه صفعة إلى كل من يحاول دق إسفين الفتن من أصحاب الأجندات المشبوهة والحقد الطائفي، ولكن بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل القيادتين الحكيمتين للدولتين فشلت كل مخططات الوقيعة، وستفشل وتتحطم على أبواب المحبة والروابط الوثيقة.

Ad

والكويتيون المحبون لوطنهم لا يمكن أن ينسوا الدور العظيم الذي قامت به المملكة العربية السعودية أثناء فترة الغزو العراقي الغاشم حيث كانت خير نصير للقضية الكويتية العادلة ودافعت عن شرعيتها واستقلالها ورفضت الاحتلال واستقبلت رموز الكويت والقيادة السياسية والحكومة وأعداداً كبيرة من أبناء هذا الشعب على أراضيها، وقدمت المساعدات بكل أشكالها وشاركت في تحالف الدول المشاركة بتحرير الكويت ليسجل لها هذا الموقف العظيم في تاريخ العلاقات بين البلدين، بل في تاريخ العالم والإنسانية كله.

والسعودية في عهد الملك سلمان لها شكل مختلف، فعلى الرغم من أنه تولى المهمة في فترة حرجة تعج بالمشاكل الإقليمية الملتهبة والأزمات الاقتصادية الطاحنة مع تهاوي أسعار النفط إلا أنه نجح في إحداث نقلة نوعية في المملكة في مدة قصيرة لا تتجاوز عامين حيث يقود خطة للتغيير تشمل إصلاحات تتعلق بدور المرأة التي منحها في مجلس الشورى منذ أيام قليلة 30 مقعداً، وكذلك السماح لجماعات حقوق الإنسان بدخول البلاد لأول مرة في تاريخ المملكة.

كما قام الملك سلمان بتغييرات كبيرة في المناصب القيادية العليا شملت إبعاد بعض المسؤولين الأكبر سناً وإتاحة الفرصة للشباب والأجيال الجديدة وطبق خطوات إصلاحية جريئة تتعلق بالاقتصاد شملت تخفيض الرواتب وفرض الضرائب للمرة الأولى وتقليل حجم الفقد وزيادة الإنفاق على البنية التحتية لـ"تنويع مصادر الدخل" وفتح المجال للاستثمار والشراكة مع الدول الأجنبية وخاصة فى مجال التكنولوجيا كما أنه استطاع أن يحدث تقدماً كبيراً فى مجال التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية.. فهنيئاً للمملكة بهذا القائد الفريد ونتمنى من المولى، عز وجل، أن يمنحه العمر المديد ليستمر في قيادة بلاده إلى صدارة الأمم المتقدمة، ودامت علاقات الود والمحبة بين الكويت والسعودية شعباً وحكومة.