أشاد الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" محمد باركيندو بالدور "القيادي والبناء"، الذي تؤديه الكويت والسعودية داخل المنظمة لحماية مصالح الدول الأعضاء فيها، واستقرار أسعار النفط في الأسواق العالمية.

وأعرب باركيندو في تصريح لـ"كونا" في "فيينا" أمس، قبيل الاجتماع الوزاري المشترك بين دول "أوبك" والدول المنتجة الرئيسية خارجها عن قناعته بمواصلة البلدين العربيين هذا الدور مستقبلاً، بما يصون مصالح المنتجين والمستهلكين ودول "أوبك"، وباقي المنتجين ويمنع التذبذب في الأسعار ويدعم النمو الاقتصادي العالمي.

Ad

ووصف الاجتماع، الذي عقد أمس، بهدف تطبيق اتفاق فيينا الأخير الخاص بخفض معدلات إنتاج النفط بـ"التاريخي"، مبدياً تفاؤله بالاجتماع، الذي "نتوقع أن يكون ناجحاً جداً، وتلبي نتائجه مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء إضافة إلى صناعة النفط والاقتصاد العالمي".

وذكر أن 11 دولة من خارج "أوبك" مشاركة في هذا الاجتماع المهم، متوقعاً أن يسفر الاجتماع عن التوقيع على إعلان "فيينا" بين منتجي النفط اعتماداً على قرار "أوبك" الذي اتخذ في 30 نوفمبر الماضي في "فيينا" والقاضي بتطوير آلية للتعاون بين "أوبك" وباقي المنتجين.

وتوقع باركيندو أن تنضم بعض الدول المنتجة للنفط إلى اللجنة الوزارية الخاصة بمراقبة سوق النفط المنبثقة عن "أوبك"، التي تترأسها الكويت وتضم في عضويتها الجزائر وفنزويلا بهدف مراقبة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه خلال الاجتماع الوزاري الأخير لمنظمة "أوبك" وضمان أكبر التزام ممكن بالحصص الإنتاجية المخفضة.

وأعرب عن امتنانه الكبير للدور الذي اضطلع به وزراء نفط "أوبك" قبل اجتماع الجزائر وبعده من ناحية إجراء الاتصالات المكثفة داخل المنظمة وخارجها وتوحيد الجهود من أجل تحقيق التوازن في الأسعار واستقرار السوق العالمية.

وبين أن هذه الجهود المشتركة ساهمت بشكل كبير في التوصل إلى اتفاق خفض إنتاج "أوبك" بمقدار 1.2 مليون برميل يومياً، إضافة إلى ما تعهد به المنتجون الآخرون بمقدار 600 ألف برميل يومياً.

وكانت الدول الأعضاء في "أوبك" توصلت في ختام اجتماعها الوزاري في فيينا في 30 نوفمبر الماضي إلى اتفاق يقضي بخفض سقف الإنتاج بمقدار 1.2 مليون برميل يومياً اعتباراً من مطلع العام المقبل، كما تلقت المنظمة تعهدات من منتجين من خارجها تقضي بخفض إنتاجهم بواقع 600 ألف برميل يومياً.

وسيكون سقف إنتاج المنظمة وفق الخفض الجديد عند معدل 32.5 مليون برميل يومياً، بهدف دعم الأسعار، التي تراجعت بسبب وجود كميات كبيرة من الخام في السوق العالمية النفطية.

اجتماع حيوي

وصرح وزير الطاقة القطري محمد صالح السادة، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لـ"أوبك"، بأنه "اجتماع حيوي لكل الدول المنتجة والصناع والاقتصاد العالمي".

وطالب السادة الدول المنتجة بالإسراع في سحب مخزونها في السوق العالمية بغية إعادة التوازن إلى السوق، وضمان تدفق الاستثمارات اللازمة في المستقبل.

وقال السادة في كلمة افتتح بها اجتماع "أوبك" الوزاري المشترك للدول المنتجة للنفط من داخل المنظمة وخارجها، إن "الشهرين الماضيين أظهرا إجماعاً متزايداً بين المنتجين بأن عملية انتعاش السوق استغرقت وقتاً طويلاً جداً إذ تسبب تراجع الأسعار بعواقب وخيمة على جميع البلدان المنتجة والمستهلكة للنفط، "مما أثر على جميع بلداننا من حيث النمو الاقتصادي وتكبيدها خسائر فادحة في الإيرادات وتخفيضات كبيرة في الإنفاق الاجتماعي إضافة الى تأثيرها السلبي على المستهلكين".

وأضاف أن "هذه التحديات كانت مثار نقاش مركز خلال اجتماع وزراء نفط "أوبك" في الـ30 من نوفمبر الماضي في فيينا، ما دفع الوزراء الى اعتماد "اتفاقية فيينا" التاريخية عبر اتخاذ قرار بتقليص إنتاج أوبك بنحو 1.2 مليون برميل يومياً للوصول بها إلى معدل 32.5 مليون برميل يومياً، اعتباراً من الأول من يناير 2017".

وأكد أن قرار وزراء دول "أوبك" الجماعي بخفض الإنتاج، جاء في الوقت المناسب لمعالجة واقع السوق السائدة والتوقعات، كما يعد التزاماً أمام المجتمع الدولي للمساعدة في الحفاظ على استقرار السوق، بالتالي تحقيق آثار إيجابية واسعة النطاق على الاقتصاد العالمي وصناعة النفط والدول المنتجة والمصدرة للنفط.

وأوضح أن "الجهود التي بذلتها البلدان الأعضاء في أوبك كانت بناءة جداً، إذ أظهرت هذه الدول عزيمة كبيرة ومرونة ومسؤولية، فضلاً عن القبول بحل وسط".

ولفت السادة إلى أن "اتفاقية فيينا" تعد أول تعديل لإنتاج "أوبك" منذ اجتماع وهران في الجزائر في عام 2008، عندما بدأت الأزمة المالية العالمية".

إقناع الآخرين

وتحاول "أوبك" في فيينا دفع دول أخرى منتجة للذهب الأسود إلى المشاركة في اتفاق خفض الإنتاج، الذي تم التوصل إليه أخيراً بين أعضاء الكارتل لزيادة الأسعار.

وبدأ الاجتماع صباح أمس، في مقر المنظمة بفيينا في أجواء من التفاؤل بعد تصريحات للمشاركين وهم 13 من دول "أوبك" ونحو 12 من خارجها، خصوصاً روسيا أكبر بلد منتج للنفط خارج "أوبك" وتعهدت المشاركة في جهود خفض الإنتاج ويمثلها وزير الطاقة ألكسندر نوفاك.

وقال نوفاك في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الروسية "إنترفاكس" "أعلنا تعهداتنا وسنلتزم بالأرقام المعلنة"، مؤكداً هو أيضاً أنه سيتم التوصل إلى اتفاق على خفض مجمله 600 ألف برميل يومياً.

وأضاف أنه واثق من أن "المشاركين سيتجاوزون صعوبات بهدف التوصل إلى اتفاق"، مبيناً أن الاجتماع يشكل "فرصة فريدة".

وروسيا هي موضع الاهتمام الاكبر للمحللين الذين يتساءلون عن مدى رغبة موسكو في الوفاء بتعداتها، كما يشكك المحللون في رغبة دول أخرى في الانضمام إلى الاتفاق. وذكرت وكالة الأنباء المالية "بلومبرغ" أن عشراً من أصل 14 دولة مدعوة ستحضر الاجتماع الذي يعقد في مقر "أوبك" بفيينا.

وبعد حماسة كبيرة عند إعلان الاتفاق، بدأت الأسواق تحاول تقييم فرص تطبيقه. وبعد تقلبات طفيفة طوال الأسبوع، أغلقت أسعار النفط الجمعة على ارتفاع في نيويورك.

وارتفع سعر برميل النفط الخفيف "لايت سويت كرود" المرجع الأميركي للخام تسليم يناير 1.07 دولار ليبلغ 50.84 دولاراً في سوق المبادلات في نيويورك.

وفي لندن، أقفل برميل "برنت" نفط بحر الشمال المرجعي الأوروبي على تراجع طفيف وبلغ سعره 54.16 دولاراً عند الإغلاق مساء الجمعة.

وشاركت في اجتماع فيينا كازاخستان وأذربيجان وسلطنة عمان والمكسيك. ووجهت دعوات أيضاً إلى بوليفيا وبروناي وكولومبيا والكونغو ومصر وتركمانستان وأوزبكستان وكذلك ترينيداد وتوباغو.

وقال المحلل في مجموعة "إس آي بي" بيارن شيلدروب أمس الأول، إن "التفاؤل الذي رافق الإعلان عن الاتفاق (في 30 نوفمبر) تراجع إلى حد ما لأن "أوبك" قالت للصحف، إن الدول غير الأعضاء في الكارتل قد تستخدم الانخفاض الطبيعي للكميات المستخرجة في حقولها من اجل تحقيق هذا الهدف".

وهذا الخفض الطبيعي للكميات المستخرجة مدرج أصلاً في التقديرات. وقال محللو مجموعة "دي إن بي ماركيتس"، إنهم "لا يتوقعون أن يؤدي هذا الاجتماع دوراً كبيراً في إعادة التوازن إلى السوق"، لكن لقاء فيينا يمكن أن يمنح روسيا فرصة لطمأنة المشككين حيال التزامها تطبيق الاتفاق.

وكانت وزارة الطاقة الروسية أعلنت الأربعاء الماضي، أن الشركات الروسية المنتجة للنفط أيدت مبادرة خفض إنتاج النفط الخام، عقب اتفاق أوبك للحد من الإنتاج.

وقال نوفاك بعد اجتماع مع شركات النفط، إن "جميع الشركات أيدت اقتراحاتنا بالحد من مستوى الإنتاج".

ومن مصلحة موسكو، التي تضررت ماليتها بتراجع أسعار النفط تحقيق زيادة طويلة في الأسعار مما يؤمن للرئيس فلاديمير بوتين هوامش كبيرة للمناورة الميزانية قبل عام ونيف على الانتخابات الرئاسية.

أما الدول الكبرى المنتجة للنفط في "أوبك" وعلى رأسها السعودية، فقد تأثر قطاعها المالي في نهاية المطاف بتراجع الأسعار وقررت تغيير استراتيجيتها، بعدما دعمت لفترة طويلة خفض الأسعار على أمل استبعاد منافسيها وخصوصاً منتجي النفط الصخري الأميركيين، واكتساب حصص في السوق من جديد.

الاجتماع الأول من نوعه منذ 2002
أكد سفير الكويت لدى النمسا وممثلها الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا صادق معرفي أهمية اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» ودول خارجها في فيينا أمس، لمناقشة الأوضاع النفطية باعتباره الأول من نوعه منذ عام 2002.

وقال السفير معرفي لـ«كونا»، إن مشاركة الكويت في الاجتماع الوزاري المشترك جاءت انطلاقاً من حرصها الدائم على تحقيق الاستقرار في السوق النفطية العالمية بما يخدم مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء. وأضاف أن للاجتماع أهمية خاصة من حيث التوقيت والمواضيع المدرجة على جدول أعماله باعتباره أول لقاء من نوعه يجمع المنتجين من داخل المنظمة وخارجها في فيينا منذ عام 2002 للبحث في خفض الإنتاج.

وعن تقييمه لقرار أوبك الأخير تقليص الإنتاج بواقع 1.2 مليون برميل يومياً، اعتباراً من الأول من يناير المقبل، أشاد معرفي بذلك القرار التاريخي «حيث أثبتت أوبك للعالم باتخاذها ذلك القرار حرصها على توازن السوق النفطية العالمية بما يضمن مصالح المنتجين والمستهلكين.

وذكر أن وزراء «أوبك» سعوا في اجتماعهم الوزاري الأخير في 30 نوفمبر الماضي إلى مناقشة الوسائل والآليات الممكنة لإنجاح اتفاق فيينا الأخير حيث تم تشكيل لجنة وزارية مختصة برئاسة الكويت وعضوية كل من الجزائر وفينزويلا لبحث كيفية تطبيق بنود اتفاق فيينا الذي سيدخل حيز التنفيذ اعتبارا من يناير المقبل.

ورداً على سؤال حول تفاعل البلدان المنتجة مع قرار اوبك قال السفير معرفي، إن البلدان المنتجة من خارج المنظمة، يبدو أنها باتت متفهمة إلى حد كبير لهذا القرار، لأنه سيقضي إلى حد ما على المخاوف و الشكوك التي بدأت تنتاب الاقتصادات العالمية بسبب عدم الاستقرار وفقدان التوازن الذي تشهده السوق النفطية العالمية. وأضاف أن «روح التفاؤل، التي نأمل أن تترجم عملياً في اجتماع فيينا (أمس) بدأت تدب في العديد من الأوساط بما فيها أوساط البلدان المستهلكة لأن التوازن والاستقرار يخدمان في نهاية المطاف مصالح الجميع». وأوضح أن قرار «أوبك» الأخير أتاح للدول الأعضاء التوصل إلى معدلات الإنتاج المحددة بـ 32.5 مليون برميل يومياً، وربط المجتمعون نجاح القرار بمسألتين، الأولى مدى التزام «أوبك» بتنفيذ القرار والثانية مدى تفاعل العديد من الدول الرئيسية المنتجة من خارج «أوبك» بقرار خفض سقف الإنتاج وفقاً لما تم الاتفاق عليه في اجتماع الجزائر سبتمبر الماضي، ثم لاحقاً في اجتماع فيينا.