بدا، أمس، أن معركة حلب المندلعة منذ عام 2012، تقترب بسرعة من الحسم، لمصلحة نظام الرئيس بشار الأسد، المدعوم عسكريا واقتصاديا ودبلوماسيا من روسيا وإيران وعشرات الميليشيات الشيعية التي تقاتل الى جانبه مقابل الفصائل المعارضة، ومن بينها فصائل إسلامية متشددة ومصنفة إرهابية، مثل "جبهة فتح الشام" (النصرة سابقاً).

وشنت قوات النظام، أمس، حملة عنيفة من القصف على الأحياء التي لاتزال تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن قصف جوي وصاروخي يستهدف منذ صباح السبت الأحياء المتبقية تحت سيطرة الفصائل في حلب، بينها أحياء الفردوس والمعادي وبستان القصر.

Ad

وردت الفصائل المعارضة بإطلاق قذائف صاروخية على الأحياء الغربية تحت سيطرة قوات النظام، ما أسفر عن مقتل "9 مدنيين"، وفق المرصد السوري.

وأفادت مراسلة في غرب حلب عن تحليق كثيف للطائرات الحربية في أجواء المدينة ومشاهدتها أعمدة دخان تتصاعد من الأحياء الشرقية، فضلا عن سماعها لقصف عنيف تهتز المباني على وقعه.

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في مناطق سيطرة المعارضة "الخوذ البيضاء" إبراهيم أبوالليث، عبر الهاتف لوكالة فرانس برس "القصف غير طبيعي". وأضاف خلال وجوده في جنوب شرق حلب "الشوارع امتلأت بالأشخاص العالقين تحت الأنقاض. إنهم يموتون لأننا غير قادرين على انتشالهم".

ديميستورا

وصرح المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى سورية ستيفان ديميستورا، أمس، بأن العالم يشهد المراحل الأخيرة لمعركة حلب، ويجب أن تكون الأولوية لإجلاء المدنيين. وفي مقابلة مع قناة سكاي نيوز العربية أكد ديميستورا أنه من الضروري وضع المدنيين الفارين من المناطق التابعة للفصائل المعارضة شرق حلب "تحت مراقبة الأمم المتحدة".

وقال بحسب نص المقابلة الذي نشره مكتبه في جنيف: "نتابع بقلق المراحل الأخيرة لما سيعرف في التاريخ بمعركة حلب". وأضاف أن معلومات الأمم المتحدة تتحدث عن إمكان تعرض مدنيين فروا من المناطق المعارضة باتجاه مناطق القوات الحكومية للتوقيف أو العنف.

وطالب بإنشاء "آلية منظمة لإجلاء مقاتلي الفصائل المعارضة" لضمان التوصل الى هدنة قبل تدمير المدينة بالكامل. كذلك دعا ديميستورا الرئيس السوري بشار الأسد الى الاستفادة من انتصاره العسكري المحتمل في حلب والموافقة على المشاركة في مفاوضات بإشراف أممي لوقف الحرب في سورية نهائيا.

وقال: "من الممكن إدراج انتصار عسكري (في حلب) في الاعتبار، لكنه لن يكون خاتمة الحرب. حاليا تبرز فرصة أمام الرئيس الأسد كي يبدي إرادته في خوض نقاش جدي في عملية سياسية، وأمام المعارضة كي تعود الى طاولة المفاوضات، والأمم المتحدة مستعدة لذلك".

المعارضة

من ناحيته، عبر رئيس ائتلاف المعارضة، أنس العبدة، أمس، عن دعم الائتلاف لمبادرة إنسانية تقدمت بها الفصائل المقاتلة في حلب الأربعاء، تدعو الى إنقاذ المدنيين، وتقضي "بإخلاء الحالات الطبية الحرجة التي تحتاج إلى عناية مستعجلة، والمقدر عددها بـ 500 حالة، تحت رعاية الأمم المتحدة. وإخلاء المدنيين الراغبين في ترك حلب الشرقية المحاصرة إلى ريف حلب الشمالي، لأن محافظة إدلب لم تعد منطقة آمنة بسبب قصف الروس والنظام للمدن والقرى فيها. كما لم تعد قادرة على احتواء المزيد من النازحين داخليا".

ودعا العبدة إلى اتباع "سياسة المدن المفتوحة الخالية من أي وجود عسكري"، لحماية المدنيين، مشيرا إلى نية المعارضة تشكيل "جيش وطني موحد"، وخطوات من شأنها توحيد قوى الثورة السياسية والعسكرية.

اجتماع باريس

وفي باريس، عقدت 10 دول غربية وعربية تدعم المعارضة السورية اجتماعا للبحث في الوضع بحلب. وحضر الاجتماع المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات، الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية، رياض حجاب.

وإثر اللقاء، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إن "القصف العشوائي من قبل النظام ينتهك القوانين أو في كثير من الحالات (يعتبر) جرائم ضد الانسانية، وجرائم حرب". ودعا موسكو، حليفة دمشق، الى "بذل قصارى جهدها لإنهاء ذلك".

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت بعد لقاء باريس أن المعارضة "على استعداد لاستئناف المفاوضات (مع النظام) من دون شروط مسبقة".

ومن المقرر اجتماع خبراء روس وأميركيين في جنيف في محاولة "لإنقاذ حلب من دمار تام"، وفق ما أعلن كيري.

«قسد»

على جبهة أخرى، أعلنت "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) وهي تحالف فصائل عربية وكردية، بدء "المرحلة الثانية" من حملة "غضب الفرات" لطرد تنظيم "داعش" من مدينة الرقة، أبرز معاقله في سورية. وفي قرية العالية في ريف الرقة الشمالي، أعلنت هذه القوات في بيان تلته المتحدثة باسم الحملة جيهان الشيخ أحمد انه "تم اتخاذ قرار البدء بالمرحلة الثانية من الحملة التي تهدف الى تحرير كامل الريف الغربي من الرقة، إضافة الى عزل المدينة".

وفي وقت سابق، أعلن وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر من المنامة أن الولايات المتحدة سترسل مئتي جندي إضافي الى سورية "من أجل ضمان نجاح عزل الرقة"، على أن ينضموا الى 300 عنصر من القوات الخاصة في سورية.

تعزيزات تركية

في المقابل، أرسلت قيادة القوات المسلحة التركية تعزيزات عسكرية إضافية إلى حدودها مع سورية أمس، بهدف دعم القوات المشاركة في عملية "درع الفرات" الجارية في الشمال السوري.

ونفذت مقاتلات تابعة لسلاح الجو التركي غارات على 39 موقعا لتنظيم "داعش"، ما مكن الفصائل السورية المعارضة من بسط السيطرة على قريتين جديدتين بالقرب من مدينة الباب.