العرب و«إخوتهم» الإيرانيون!
![صالح القلاب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1501783180355436200/1501783193000/1280x960.jpg)
والحقيقة، وهذه الحقيقة يجب أن تقال الآن، أن حرب الأعوام الثمانية قد كانت من جانب العراق حرباً دفاعية، فالثورة الإيرانية المنتصرة بادرت -فور عودة الإمام الخميني من فرنسا بطائرة فرنسية، وفور أن وطئت أقدامه أرض مطار "مهرآباد"- إلى رفع راية عبور الحدود في اتجاه الغرب، بحجة أنّ هناك مراقد أئمة ومقامات مقدسة، وذلك مع أن هذه المقامات وهذه المراقد يجب أن تجمع ولا تفرق، وذلك على اعتبار أنها للمسلمين كلهم، وأنّ تعلُّق أهل السنة بها لا يقل، بل ربما يزيد، عن تعلق الشيعة... هذا على اعتبار أن كل المسلمين "يتشيعون" لآل البيت الأطهار ويقدرونهم ويحترمون مكانتهم وأدوارهم في المسيرة الإسلامية.في كل الأحوال، لقد كان بالإمكان أن تكون هناك وقفة جادة من كلا الطرفين بعد حرب الأعوام الثمانية المكلفة والمدمرة، وكان بالإمكان أن تصبح الحدود المشتركة أبواباً للتواصل واستعادة العلاقات التاريخية التي حققت إنجازات حضارية عظيمة للبشرية كلها ونوافذ للتبادل التجاري، لكن هذا للأسف لم يحدث، بل إن "إخوتنا" قد وقعوا في الشرك الأميركي عندما اندفعوا بكل قواهم العسكرية و"الميليشياوية" لملءِ الفراغ الذي ترتب على إلغاء الدولة العراقية كدولة، وهدم مؤسساتها، وحل جيشها وأجهزتها الأمنية، الأمر الذي ترتبت عليه كل هذه المآسي التي نراها الآن.وهكذا، ولعل الأخطر أن "إخوتنا" الإيرانيين قد انقادوا لـ"الاستدراج" الأميركي، وبدل أن يكتفوا من الغنيمة بالإياب ويتركوا العراق لأهله ويعودوا لبلادهم سالمين غانمين ذهبوا بعيداً في الانقياد لهذا الاستدراج بتورطهم بالتدخل العسكري و"الميليشياوي" في سورية، كل هذا وهم يعرفون أنَّ المقصود هو وضعهم على منصة الإعدام، وهنا فإن على عقلائهم أن يدركوا معنى نوايا الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب وتهديداته بإلغاء اتفاقية النووي التي كانت أبرمت مع باراك أوباما، ومعنى أن يشكل الجنرالات الأميركيون السابقون المعادون لإيران عنوان هذه الإدارة الأميركية الجديدة... ألا يستدعي هذا يا ترى أن يسارع العقلاء في طهران إلى "لملمة" أوضاعهم الإيرانية، وإلى المسارعة لإنهاء كل تدخلاتهم المتمادية في الشؤون الداخلية للعديد من الدول العربية؟! وإلى مدِّ أيديهم في اتجاه أيدي العرب الممدودة إليهم بكل طيبة وصدق، من أجل العودة إلى تلك الأيام الزاهية العظيمة عندما كان هناك كل ذلك التكامل الحضاري بين أمتين عظيمتين، يجمعهما الإسلام العظيم؟!