في هضاب لامانتشا القاحلة في إسبانيا، يستفيد منتجو الزعفران من الإقبال المتجدد على هذه التوابل الثمينة، التي حملها معهم العرب في القرون الوسطى، وهم بمراهنتهم على جودتها يفلتون من الأزمة المتربصة بالبلاد.

نساء مسنات يجلسن حول ثلاث طاولات طويلات في شركة "مولينيتا" العائلية في بلدة مينايا البالغ عدد سكانها 1600 نسمة على بعد 200 كيلومتر جنوب شرق مدريد، وهن يستخرجن من الزهور البنفجسية المياسم الحمراء القانية، التي تصنع منها هذه التوابل.

Ad

في موسم حصاد "ورد" الزعفران من منتصف أكتوبر إلى أواسط نوفمبر، تصطبغ أصابع سيغوندا غاسكون "78 عاماً" بالسواد بسبب هذه الأوراق العطرة، مقابل حصولها على 2.40 يورو للأونصة (حوالي 28 غراماً) من هذه المياسم الحمراء.

وتظهر غاسكون مهارة كبيرة في عملها هذا، الذي تمارسه منذ تلقيها عند زواجها عام 1964 قطعة صغيرة من الأرض مزروعة بهذه النبتة، وفقاً للتقليد المحلي.

وبين نحو خمسين شخصاً حاضرين في المكان، غالبيتهم من النساء المتقاعدات، تروي دولوريس نافارو "83 عاماً، التي خطت التجاعيد وجهها أن الناس في شبابها، كانوا يخلدون إلى النوم الساعة الواحدة بعد منتصف الليل للانتهاء من حصاد اليوم، إذ لا تصمد الزهور الهشّة أكثر من يوم واحد.

وبينما تنشد أغنية فولكلورية تفيد كلماتها بأن وردة الزعفران تنمو عند بزوغ الشمس وتموت عند حلول الظلام، تذكُر جيداً الرجال الذين كانوا يأتون في الستينيات لشراء هذه التوابل "بأسعار عالية جداً".

لكن إسبانيا، التي عرفت بعد ذلك عصر ازدهار، شهدت تحديثاً للقطاع الزراعي، وفشل مزارعو الزعفران، الذين كانوا ينفذون عملهم يدوياً في اللحاق بركب الحداثة بسبب الكلفة العالية.

وكان الإنتاج الإسباني يزيد عن مئة طن سنوياً في مطلع القرن العشرين لكنه تقهقر وصولاً إلى أدنى مستوى له عام 2005 ليصل إلى ما دون الطن الواحد.