الإرهاب يضرب المسيحيين ويقتل 25 في الكنيسة البطرسية
● أغلبية الضحايا نساء بسبب زرع القنبلة وسط مقاعد السيدات
● غضب قبطي و3 أيام حداداً
أعلنت مصر الحداد 3 أيام، بعد مقتل ما لا يقل عن 25 مسيحياً وإصابة نحو 50 آخرين، إثر تفجير إرهابي ضخم استهدف الكنيسة البطرسية الملاصقة للمقر الباباوي في العباسية شرقي القاهرة، صباح أمس، في هجوم يعد الأكبر منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي في يونيو 2014.
في واحدة من أكبر العمليات الإرهابية التي ضربت العمق المصري منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم في يونيو 2014، قتل 25 مسيحياً مصرياً وأصيب أكثر من 50، في انفجار إرهابي ضخم داخل الكنيسة البطرسية الواقعة داخل حرم الكاتدرائية المرقسية بالعباسية (شرقي القاهرة).واستهدف الانفجار قاعة الصلاة بالكنيسة أثناء أداء المصلين قداس الأحد، ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات، خصوصا من النساء والأطفال، في حادث أثار غضب وحزن المصريين عامة والأقباط خاصة.تفجير «البطرسية» جاء غداة حكم محكمة النقض بالإعدام على الإرهابي عادل حبارة، أحد أبرز العناصر التكفيرية في سيناء، أمس الأول، وبعد 48 ساعة من انفجار ضرب ارتكازا أمنيا غربي القاهرة، الجمعة الماضي، أدى إلى مقتل 6 شرطيين، كما يعد تفجير الأمس، الأول منذ تفجير استهدف كنيسة القديسين بمدينة الإسكندرية، في الدقائق الأولى من العام 2011، وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 22 مسيحيا.
مقاعد السيدات
وبحسب شهود عيان، فإن الانفجار وقع فور بدء قداس الأحد في تمام الساعة العاشرة من صباح أمس، وقال مصدر أمني إن الانفجار وقع بسبب قنبلة تزن نحو 12 كيلو غراما من مادة «تي. إن. تي» شديدة الانفجار، تم زرعها أسفل مقاعد السيدات داخل الكنيسة، وقامت الأجهزة الأمنية بتطويق المقر البابوي، بحثا عن عبوات ناسفة أخرى، بينما رجحت مصادر أمنية أن تكون سيدة هي من وضعت القنبلة داخل الكنيسة.وسرد مينا الفاوي، أحد المصابين بالحادث، لـ «الجريدة»، مشاهداته قائلا: «لا أعرف ماذا حدث بالضبط، كل ما أعرفه أننا أثناء أداء الصلاة وقع صوت انفجار كبير، لتسود الفوضى، وبعد انقشاع غبار الانفجار وجدت معظم الحضور بين قتيل ومصاب»، بينما قالت كرستينا بطرس إحدى المصابات، وهي تبكي: «الإرهابيون قتلونا.. الدنيا وقعت فوقنا.. ومعرفناش نخرج من قوة الانفجار.. والناس كلها كانت واقعة على الأرض.. وصديقتي وقعت جنبي وكلها دم».وفور الانفجار تم نقل الجثث إلى المشرحة والمصابين إلى المستشفيات القريبة، خاصة الدمرداش ودار الشفاء والإيطالي، بينما صدق وزيرا الدفاع والداخلية، صدقي صبحي، ومجدي عبد الغفار، على فتح مستشفيات القوات المسلحة والشرطة لعلاج المصابين، بينما قال وزير الصحة أحمد عماد الدين، لـ «الجريدة»: «جميع المصابين سيتم علاجهم على نفقة الدولة».إعلان الحداد
وبينما أعلنت الرئاسة المصرية حالة الحداد ثلاثة أيام في جميع أنحاء البلاد اعتباراً من أمس، حزنا على ضحايا الحادث، دان السيسي، العملَ الإرهابي الآثم، مؤكدا في بيان رسمي، أن «هذا الإرهاب الغادر إنما يستهدف الوطن بأقباطه ومسلميه، وأن مصر لن تزداد كعادتها إلا قوة وتماسكاً»، متوجها «بخالص العزاء والمواساة لأسر شهدائنا»، وشدد على ضرورة القصاص العادل، فيما انتقل رئيس الحكومة شريف إسماعيل ووزيرا الداخلية والأوقاف ومحافظ القاهرة، إلى موقع الحادث.وقال مصدر رفيع المستوى لـ «الجريدة»، إن الرئيس تواصل مع وزير الداخلية، وطالب بتقرير أمني شامل عن الحادث، كاشفا أن قوات الجيش ستشارك في تأمين الكنائس على مستوى الجمهورية لحين انتهاء احتفالات الكريسماس وعيد الميلاد 7 يناير المقبل، وأن وزير الداخلية قرر إيقاف كل المسؤولين عن تأمين محيط الكاتدرائية بسبب الإهمال والتقصير في أداء مهام وظيفتهم، وأمر بتشكيل فريق بحث موسع لسرعة تحديد هوية الجناة وضبطهم.النائب العام المصري المستشار نبيل صادق، كلف نيابة أمن الدولة العليا بالتحقيق في الحادث، وانتقل المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا، على رأس فريق من محققي النيابة، إلى مسرح الحادث، لإجراء معاينة تصويرية، وبيان كيفية وقوع الحادث، وسؤال شهود الواقعة، وكذا سؤال المصابين الذين تسمح حالتهم. وأصدر النائب العام، مجموعة من القرارات حيث أمر بالتحفظ على كاميرات المراقبة المتواجدة داخل وخارج الكنيسة المستهدفة والكاتدرائية، وتكليف جهاز الأمن الوطني وجهات البحث المختصة بإجراء التحريات بشأن الحادث والتوصل إلى مرتكبيه والمحرضين عليه.عودة البابا
من جهته، قطع بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، تواضروس الثاني، زيارته الرسمية إلى دولة اليونان، عائدا إلى مصر، وقال مصدر كنسي بالمقر الباباوي إن البابا كلف الأسقف العام، الأنبا آرميا، بمتابعة الموقف لحين عودته للبلاد، وشهد محيط المقر الباباوي تجمع العشرات من المسيحيين والمسلمين الذين رددوا هتافات ضد التراخي الأمني، وهتفوا بـ «دم القبطي مش رخيص»، و»مسلمين ومسيحيين. الإرهاب ملهوش دين».وقالت الكنيسة القبطية في بيان لها، أمس، إن الكنيسة البطرسية تعرضت لـ «حادث جبان وخسيس»، وأضافت «وإذ نأسف لهذا العنف والإرهاب الذي يعتدي على مصلين آمنين فإننا نصلي من أجل هؤلاء الشهداء ومن أجل المصابين»، مشددة على أن الحادث لن يؤثر على الوحدة الوطنية التي تجمع كل المصريين.الأزهر يتضامن
بدوره، قال الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب، إن «التفجير الإرهابي الخسيس جريمة كبرى في حق المصريين جميعا». وأكد في بيان له أن «العمل الإرهابي الجبان لا تقوم به إلا فئة باغية»، مطالبا بالضرب بيد من حديد على كل من تُسول له نفسه العبث بمصر وأمنها، معربا عن خالص تعازيه للبابا، معلنا تضامنه الكامل مع الكنيسة المصرية.وصرح مفتي الديار المصرية، شوقي علام، في بيان رسمي، بأن الاعتداء على الكنائس من الأمور المحرمة في الشريعة الإسلامية، وأن من قاموا بهذا العمل الشنيع أصبحوا «خصوما للنبي صلى الله عليه وآله وسلم»، داعيا المصريين جميعا إلى التعقل والوقوف صفا واحدا في مواجهة الإرهاب الأسود الذي يسعى لبث الفتنة والطائفية.وقال رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، القس أندريه زكي، إن مثل هذه الأعمال الإرهابية لن تثني أبناء الوطن عن الوقوف صفا واحدا في مواجهة الإرهاب، بينما دانت الكنيسة الكاثوليكية في مصر، التفجير الإرهابي، وقدم المتحدث باسمها، رفيق جريش، خالص تعازيها للبابا تواضروس.اتهامات واستنفار
وفيما اتهم كاهن كنيسة العذراء بمسطرد، عبد المسيح بسيط، قوات الأمن بالتقصير في تأمين الكنائس، متسائلا عن كيفية إدخال قنبلة تزن 12 كيلوغراما وسط استرخاء أمني كامل، طالب الخبير الاستراتيجي، اللواء جمال مظلوم، بمحاسبة المسؤولين عن التقصير الأمني الذي سمح بدخول القنبلة إلى قاعة الصلاة بالكنيسة.وشهدت المحافظات المصرية حالة من الاستنفار الأمني لتأمين الكنائس المسيحية تحسبا لأي هجمات أخرى، إذ فرضت قوات الأمن بمدينة الإسكندرية الساحلية إجراءات أمنية مشددة بمحيط الكنائس المسيحية، وفي سيناء التي ينشط بها جماعات تكفيرية مسلحة، أكد مصدر أمني لـ «الجريدة»، أن إجراءات الأمن الوقائية أمام المقرات الكنسية في مدينة العريش متواصلة، بينما استمرت حالة الاستنفار الأمني تحسبا لأية هجمات مسلحة، نظرا للظروف الأمنية التي تشهدها المحافظة.
الداخلية» توقف كل المسؤولين عن تأمين محيط الكاتدرائية (مصدر أمني)