على مدار العامين الماضيين، شاهدنا «طريقي» (للمؤلف تامر حبيب والمخرج محمد شاكر خضير والمنتج محمد مشيش) من بطولة النجمة المصرية شيرين عبد الوهاب المأخوذ عن مسلسل كولومبي باسم «صوت الحرية»، ويتحدث عن حياة النجمة العالمية هيلينا فارغاس التي توفيت عام 2011.حقق العمل نجاحاً واسعاً، خصوصاً أنه يشكّل أول تجربة درامية لشيرين وأشاد بها النقاد. كذلك حاز «غراند أوتيل» أعلى نسب مشاهدة في استطلاعات رأي عدة في رمضان الماضي. قام ببطولته كل من عمرو يوسف ومحمد ممدوح وسوسن بدر وأنوشكا، وهو أيضاً للمؤلف تامر حبيب والمخرج محمد شاكر خضير والمنتج محمد مشيش، ومأخوذ من مسلسل إسباني عرض عام 2011.
في السياق نفسه، انتشرت أخيراً أخبار تؤكد حصول المنتج طارق الجنايني على حق إنتاج مسلسل مأخوذ من عمل أميركي لكن المشروع توقف لسبب مجهول، حتى أعلنت هند صبري عن مشروعها الجديد «حلاوة الدنيا» المقتبس من مسلسل إسباني وتكتبه ورشة تحت إشراف المؤلف تامر حبيب لانشغاله بمسلسله «لا تطفئ الشمس» عن رواية الأديب الراحل إحسان عبد القدوس.
آراء محتلفة
يرى السيناريست تامر حبيب أن استخدام الأعمال العالمية ليس عيباً، فهو أسلوب متداول في أنحاء العالم، الا أن البعض يستسهل ويعمد إلى ترجمة المسلسل من دون أية تدخلات أو إضافات أو تقديم رؤية جديدة، ولكنه يشير إلى الاختلافات الكبيرة بين «غراند أوتيل» الإسباني وبين النسخة المصرية منه مع وجود تشابهات بسيطة. ويتابع أن «فكرة صناعة مسلسل من بيئة مثل إسبانيا بالثقافات والظروف السياسية الخاصة بها وفي وفترة زمنية هي العشرينيات وتحويلها إلى البيئة المصرية في الخمسينيات ليس أمراً سهلاً، لذا ليس ثمة أي استسهال من جانبنا».يواصل حبيب: «في هذا النوع من الدراما ننطلق من عمل فني معروف أو قصة لافتة ونبتكر شخصيات جديدة وتوليفة أخرى. الصيغة الإسبانية في «غراند أوتيل» عبارة عن ثلاثة أجزاء من 90 حلقة وكل منها ساعة ونصف الساعة والبنية الأساسية أن شخصاً جديداً ينزل في الفندق ويتفاعل مع الشخصيات الأخرى. لم أستعن بذلك في النسخة المصرية، وجاءت في 30 حلقة مدة كل منها 40 دقيقة.أما الانتقادات التي طاولت المسلسل فيوضح حبيب أنها صدرت من أفراد لم يفهموا طبيعة العمل، «خصوصاً أنني قدمت فيه شخصيات خاصة بي».الناقد السينمائي طارق الشناوي يؤكد أن «عدوى التقليد» هي السائدة للأسف في صناعة الدراما المصرية، ولكنها نجحت في «طريقي» و«غراند أوتيل» بسبب مجهود تامر حبيب. ويتابع: «مثلاً يعتقد أحد الأشخاص أن «التانغو» أكثر الإيقاعات التي تساهم في نجاح الألحان رغم أن هذا الأمر ليس صحيحاً، فهذا الإيقاع نجح لأن الملحن أجاد استخدامه في العمل الجديد. الأمر نفسه بالنسبة إلى الدراما. عند نجاح المسلسلات الكوميدية مثلاً تصبح الكوميديا هي السمة السائدة. ولو كان الجزء السادس من «ليالي الحلمية» نجح في رمضان الماضي كنا سنشاهد أجزاء جديدة من مسلسلات كانت ناجحة أبرزها «المال والبنون» وغيره. ولكن بعد فشل المسلسل توقفت اﻷفكار. كذلك إن نجح «لا تطفئ الشمس» الذي يكتبه تامر حبيب راهناً سنجد أدب إحسان عبد القدوس مطروحاً عبر الدراما باعتباره «تميمة» النجاح».الناقدة ناهد صلاح ترى أن أبرز مشكلات المسلسلات المأخوذة من أعمال أجنبية أنها تنفصل عن الواقع المصري ولا تجسده، وتعطي مثالاً «غراند أوتيل»: «رغم تميزه، ونجاح حبيب في الحفاظ على حبكته الدرامية، فإنه لم يكن معبراً عن حال المجتمع المصري».صلاح تشير إلى «ضرورة التعامل مع هذه المسلسلات على أكثر من مستوى من خلال الصورة الجيدة، والحبكة المتميزة، والأداء التمثيلي، فضلاً عن إدارة المخرج لهذه العناصر كافة، ما يجذب المشاهد إلى العمل بصرف النظر عن جنسيته. ولو طرحنا سؤالاً عن الإفادة من الدراما المصرية المأخوذة عن أعمال أجنبية، فستكون الإجابة العملية بأن «غراند أوتيل» مثلاً وجّه النظر إلى الوجهة السياحية «أسوان» في جنوب مصر».ولكن هل الاستمرار في تقديمها أمر مقلق؟ تجيب ناهد صلاح أن القلق يسود حينما يسيطر لون واحد من الدراما فيما تتلاشى الألوان الأخرى أو تنسحب، مؤكدة أن «الجاذب دوماً إلى أي عمل هو الموضوع المميز، فنحن كجمهور عربي ننجذب إلى الدراما الهندية أو التركية لأنها تقدّم صورة عن مجتمعاتها وعاداته، لذا ليس عيباً أن نظهر واقعنا في الدراما المصرية الغنية، ونستطيع من خلالها تقديم لون صعيدي وقاهري وساحلي ومن الدلتا والقناة والعشوائيات والقصور وغيرها». تتابع: «مجتمعنا ثري بألوان عدة تصلح لنتناولها درامياً، ولكن تكمن المشكلة في الانجراف خلف موجات محدده تتوالى من دون رؤية واضحة إلا اللعب في المضمون».