جائزة الملتقى... الميلاد الأجمل!
لحظة انطلقت جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية، في حضن الجامعة الأميركية في الكويت، بتاريخ 15 ديسمبر 2015، بمؤتمر صحافي جمع مجلس الأمناء والمجلس الاستشاري. وبعد أن انفض الجمع وصعدت إلى غرفة مكتبي الصغيرة في الدور الرابع، لحقني السؤال، ملأ عليّ المكان: وماذا بعد؟مع بداية يناير 2016 فتح باب الترشيح للدورة الأولى. وكان هذا هو اللقاء الأول بين الجائزة وبين كتّاب القصة العرب والناشرين. بقيت في الصمت أراقب عدد المرشحين، وحين أغلق باب الترشيح بتاريخ 31 مارس طفت ابتسامة بشْر على وجهي؛ 189 مجموعة قصصية من مختلف أقطار الوطن العربي ليس بالشيء القليل، بل هو عدد رائع من الأصدقاء. 189 قاصة وقاص عربي طرق باب الجائزة في دورتها الأولى، ولسان حالهم يقول: "جئنا نلبي الوصل".في سابقة حميدة، أعلنت إدارة الجائزة أسماء السادة أعضاء لجنة التحكيم. لتكون اللجنة وجها لوجه أمام مسؤولياتها من جهة، ولتقف أمام الكتّاب والناشرين وجمهور القراءة من جهة ثانية. وكعادتي بقيت في غرفتي الصغيرة أرقب بصمت ردود الفعل. مر أسبوع ومر شهر، ومرت ثلاثة، وليس سوى التقبل والثقة.
في بداية شهر أكتوبر 2016، أعلنت لجنة التحكيم القائمة الطويلة للجائزة. عشرة كتّاب عرب صعدت مجاميعهم إلى منصة القراءة العربية. كتّاب في جلهم أسماء جديدة، أسماء مبدعة تسوقهم الجائزة ليكونوا زاداً إبداعياً على مائدة جمهور القراءة العربي.بقيت أنا هناك في غرفتي الصغيرة بالدور الرابع، أرقب بصمت ردود الأفعال. وكم دغدغتني المشاعر حين جاءت مؤيدة تشيد بقرار اللجنة، وتثني على اختياراتهم.في بداية شهر نوفمبر 2016، أعلنت لجنة التحكيم القائمة القصيرة، خمسة كتّاب يتنافسون على قطف ثمرة الجائزة في دورتها الأولى. ولحظتها بدأت أنا وزميلتي نائبة رئيس الجامعة الأميركية السيدة أمل البنعلي، التخطيط لحفل الجائزة الأول بإعلان مولدها الحقيقي.كان علينا أن نخطط لكل شيء، قرابة الشهر يفصلنا عن إعلان الفائز: تأمين الرعاية، الضيوف، المكان، التذاكر، الإقامة، المواصلات، البوستر، محاضرات النشاط الثقافي، الصحافة، الإعلام، والكثير الكثير من التفاصيل التي لا تكشف عن نفسها إلا لحظة تطرق بابها.قابلت معالي وزير شؤون الديوان الأميري الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح، وقد أعددت نفسي لشروحات كثيرة حول فن القصة القصيرة وحاجة الساحة العربية إلى مسابقة جادة. ومبتسماً سألني: "الجائزة تخدم الثقافة العربية؟" أجبت: "نعم". وبالابتسامة ذاتها عاد ليسألني: "وتقدم شيئاً إيجابياً لسمعة الكويت الثقافية؟" وبحماس أجبت:"نعم".وكأبسط ما يكون القرار الكريم قال لي:"أنا معكم في مشروعكم الثقافي".تلك المقابلة القصيرة والكريمة، أمّنت للجائزة ميلادها الأول وكأجمل ما يكون. وهكذا عدت مسرعاً إلى مكتبي الصغير، وبدأت وزميلتي أمل الركض على درب التجهيز لاحتفالية الجائزة.مساء الاثنين 5 ديسمبر، وفي قاعة الجامعة، انعقد حفل الجائزة بحضور معالي الشيخ ناصر صباح الأحمد، الذي أصر على نبذ الخطابات المعهودة، وأصر على مجالسة ضيوف الاحتفالية والشد على أيديهم والتحدث إليهم. وكم حمل ذاك من دلالة ثقافية كبيرة لدى الجميع!وسط تلهف السادة الحضور لمعرفة الفائز بالدورة الأولى، أعلن رئيس لجنة التحكيم الكاتب أحمد المديني اسم مازن معروف، الكاتب الفلسطيني الشاب، بمجموعته "نكات للمسلحين"، ليكون الاسم الأجمل في أولى دورات الجائزة. الحضور العربي الإبداعي والثقافي الكبيرين، ولقاء المبدعين العرب على أرض الكويت الحبيبة، وازدحام النشاط الثقافي بشهادات القصاصين المهمة، كل هذا أضفى نكهة خاصة على احتفالية الجائزة.كأي متعة غالية سريعة، انتهت الاحتفالية. هادئاً عدت إلى مكتبي الصغير في الدور الرابع بالجامعة الأميركية، وكعادته لحقني السؤال: وماذا بعد؟الدورة الثانية على الأبواب، ونجاح الدورة الأولى شكّل تحديا كبيرا لنا.تحية من القلب لكل من آمن بالجائزة وتعاون معها. وعهد طيب بأن نسعى لتحقيق الأجمل المنتظر.