أسباب كثيرة تؤدي إلى فشل الحكومة في القيام بوظائفها الرئيسة من ضمنها غياب مشروع الدولة وخططها التنموية المنطلقة من الاحتياجات الفعلية للمجتمع وتطلعات أفراده، ومن ظروف الواقع ومعطياته، ومن ضمنها أيضاً عدم تجانس الفريق الحكومي وضعف كفاءته السياسية، واستشراء الفساد السياسي وهو الأمر الذي يؤدي، في أحايين كثيرة، إلى عدم ثقة الشعب بالحكومة نتيجة عدم تلبية حاجات المجتمع، وحلّ المشاكل العامة، وتحسين مستوى المعيشة.

أضف إلى ذلك، أن الانفصال عن الواقع يؤدي حتماً إلى فشل الحكومات، ويحدث هذا في حالة عدم كفاءة الفريق الحكومي وذلك عندما يتولى أشخاص بالمصادفة، سواء نتيجة لاحتكار السلطة أو نتيجة محاصصة سياسية بعيدة كل البعد عن معايير الجدارة والكفاءة والأمانة، مسؤولية إدارة شؤون الدولة والمجتمع وصنع السياسات، وإقرار القوانين، واتخاذ القرارات العامة، في حين أنهم يفتقدون عنصر الكفاءة السياسية ومهارات إدارة الدولة وشؤون المجتمع، وليس لديهم أدنى اهتمام بالشأن العام، أي أنهم يجهلون أصول وقواعد إدارة الشأن السياسي أو العام.

Ad

ولأن الفريق الحكومي هو المُهيمن على مصالح الدولة، فإن أعضاء الحكومة جميعاً هم "أشخاص دولة" (قبل عقود طويلة كانوا يسمون "رجال دولة" وذلك قبل تولي المرأة المناصب الوزارية)، تقع عليهم متضامنين مسؤولية رسم السياسات العامة للدولة، واتخاذ قرارات رشيدة وعادلة تحقق منفعة عامة للمجتمع، لهذا فإنه من المفترض أن يكونوا سياسيين محترفين لا كبار موظفين تنفيذيين يتلقون الأوامر أو فنيين "تكنوقراط"، وهو الأمر الذي يتطلب أن يكون لديهم جميعاً حس سياسي واحترام وتقدير لمصدر السلطات العامة وهو الشعب، واستعداد تام لتحمل المسؤولية العامة، وإلمام بطبيعة إدارة شؤون الدولة والمجتمع ومهامها.

علاوة على ذلك فإنه من المفترض أن يكون لدى جميع أعضاء الفريق الحكومي إلمام بالوضع الدولي والإقليمي، ومعرفة تامة بالتحديات الاقتصادية والسياسية، والتغيرات الاجتماعية التي مرّ ويمر بها المجتمع، هذا ناهيك عن فهم احتياجات المجتمع وتطلعاته ونوعية السياسات العامة وخطط الدولة المطلوبة، والهيكل العام لمؤسسات الدولة وأجهزتها ودور كل منها.

وفي هذا السياق، فإن الحكومات التي لا تُعير اهتماماً للوضع العالمي والإقليمي وانعكاساته على الوضع الداخلي، أو التي تتجاهل المطالب الشعبية المُستحقة، ولا تعي الأسباب الحقيقية للهزات العنيفة التي حدثت في منطقتنا منذ اندلاع الثورات العربية عام 2011، وما ترتب عليها من نتائج وتداعيات ما زالت مستمرة، أو تلك التي تغمض عينيها عن التغيرات الاجتماعية-الاقتصادية التي مرت بها مجتمعاتنا العربية خلال العقود الأربعة الماضية وتأثيرها على المستويات كافة، فإنها حكومات مُتخلّفة، توقف بها الزمن منذ عقود وتعيش في أزمنة منقرضة تجاوزها الواقع، أي أنها حكومات فاشلة ووجودها عبء ثقيل على المجتمع.