بعد أخذ ورد، عيّن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، أمس، رئيس مجلس إدارة عملاق النفط إكسون موبيل، ريكس تيلرسون، الذي يقيم علاقات وثيقة مع روسيا، وزيرا للخارجية.

Ad

وسيكلف تيلرسون (64 عاما) الذي يعرف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصيا، بقيادة الدبلوماسية الأميركية، وسط تشكك عالمي بسياسات الرئيس المنتخب.

لكن تثبيت تعيينه أمام "الكونغرس" قد يواجه عراقيل بسبب علاقاته مع روسيا التي تتهمها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بالتدخل في الانتخابات الرئاسية لمصلحة ترامب.

كما أنه لا يلقى إجماعا بما في ذلك في معسكر ترامب. وقال السيناتور الجمهوري جون ماكين إن "هذا الرجل (بوتين) سوقي وقاتل، ولا أعرف كيف يمكن أن يكون شخص ما صديقا لعميل سابق لجهاز الاستخبارات السوفياتي (كي جي بي)".

كما أكد السيناتور الجمهوري مارك روبيو أن "الصداقة مع بوتين ليست صفة أتطلع الى توافرها لدى وزير للخارجية".

وهذان الموقفان لا يبشران بمرور هذا التعيين بسهولة في مجلس الشيوخ الذي ينبغي أن يصادق عليه في تصويت.

من جانبه، أبدى بوتين خلال مقابلة مع وسائل إعلام يابانية نشرت أمس، استعداده للقاء ترامب في أي لحظة، إلا أنه يفضل أن يشكل ترامب إدارته أولا.

كما أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه لا مجال للحديث عن الدخول في تعاون مع الإدارة الأميركية الجديدة، إلا بعد استكمال تشكيل فريق ترامب.

ورحب "الكرملين"، أمس، بتعيين ترامب، تيلرسون وزيرا للخارجية، قائلا إنه "مهني ويقيم علاقات عمل جيدة مع بوتين.

وقال مستشار "الكرملين" يوري أوشاكوف للصحافيين بعيد التعيين إن "المسؤولين الروس وليس فقط الرئيس يقيمون علاقات جيدة، علاقات عمل مع تيلرسون. إنه شخصية قوية، ومهني جدا في مجاله".

في الوقت نفسه، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن تيلرسون شخصية "براغماتية".

وقال خلال مؤتمر صحافي في بلغراد "نأمل في أن تشكل هذه البراغماتية قاعدة متينة لتطوير علاقات مفيدة للتعاون الروسي- الأميركي ولحل المشاكل الدولية".

وأضاف: "نحن مستعدون للعمل مع أي شريك يرغب في علاقات تتطور على قدم المساواة مع روسيا".

وزير الطاقة

وفي سياق متصل بملف التعيينات، اختار ترامب الحاكم السابق لولاية تكساس الغنية بالنفط، ريك بيري، الذي تعهد في السابق بإلغاء وزارة الطاقة إذا انتخب رئيسا، لتولي هذه الحقيبة.

وسبق لبيري أن وصف ترامب بأنه مثل سرطان على المحافظين، وساند سيناتور تكساس تيد كروز بعد انسحابه من السباق الرئاسي في سبتمبر 2015، لكن لطالما تم التداول باسمه كأبرز مرشحي ترامب لتولي هذه الوزارة.

وعرف الحاكم السابق (66 عاما) الذي ترشح أيضا في الانتخابات التمهيدية للجمهوريين في 2012، باثارته جدلا واسعا، حين تعهد خلال إحدى المناظرات بإلغاء ثلاث وزارات أميركية، لكنه لم يتمكن من تذكر اسمين منها.

المجلس الاقتصادي

كما عين ترامب، أمس الأول، المسؤول في مصرف الأعمال الشهير غولدمان ساكس، غاري كون، (56 عاما) مديرا للمجلس الاقتصادي الوطني.

وقال الرئيس المنتخب، في بيان، إن كون سيتولى إدارة "المجلس الاقتصادي الوطني"، المؤسسة التي أنشأها الرئيس الأسبق بيل كلينتون في 1993، ومهمتها تنسيق العمل في قطاع الاقتصاد عبر الوزارات المعنية.

وأضاف البيان أن كون "سيساعد في وضع سياسات اقتصادية من شأنها أن تزيد الرواتب، وأن تضع حدا لهجرة الوظائف الى الخارج، وأن تخلق فرصا جديدة للأميركيين الذين يواجهون صعوبات".

وتعيين كون مخالف للهجة التي تبناها ترامب خلال حملته، ودان خلالها العلاقات بين منافسته هيلاري كلينتون و"غولدمان ساكس".

تحقيقات الكونغرس

من جهة أخرى، أعلن قادة الكونغرس الأميركي، أمس الأول، أن تحقيقا برلمانيا سيبدأ قريبا حول التدخلات الروسية خلال الحملة الانتخابية.

وكانت وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) استنتجت في تقرير سري كشفته الجمعة صحيفة "واشنطن بوست" أن روسيا تدخلت من خلال القرصنة الالكترونية في الحملة الانتخابية لغرض محدد هو مساعدة ترامب لانتخابه، وليس من أجل عرقلة إجراء الانتخابات.

من جهتها، تشدد مستشارة ترامب، كيليان كونواي، نقلا عن معلومات للصحيفة ذاتها، ان مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي" والـ "سي آي إيه" لا يتفقان حول النوايا الحقيقية لموسكو، حتى لو كانت دوائر الاستخبارات اتهمت بالإجماع في أكتوبر روسيا علنا بأنها اخترقت الاحزاب السياسية.

وفي جميع الأحوال، يتحول التدخل الروسي في الشؤون الأميركية تدريجيا الى قضية دولة في واشنطن.

وقال الرجل القوي في مجلس الشيوخ الجمهوري ميتش ماكونيل، أمس الأول، في مؤتمر صحافي: "الروس ليسوا أصدقاء لنا. لدي ثقة كبيرة في أجهزة المخابرات، وخصوصا سي آي إيه".

بدوره، قال رئيس مجلس النواب الجمهوري، بول راين، إن "أي تدخل أجنبي في انتخاباتنا غير مقبول بتاتا". وأضاف أن "أي تدخل روسي يعتبر إشكاليا، لأنه في عهد الرئيس بوتين فإن روسيا هي المعتدي، وتعمل باستمرار على تقويض مصالح الولايات المتحدة".

لكن ماكونيل وراين يرفضان فكرة تشكيل لجنة خاصة على غرار تلك التي شكلت للتحقيق في قضية ووترغيت أو 11 سبتمبر، ما كان من شأنه أن يمنحها أهمية أكثر وتحظى أعمالها بدعاية أوسع.

البيت الأبيض

بدوره، أعلن البيت الأبيض تأييده إجراء تحقيق في الكونغرس. وأضاف المتحدث باسمه جوش ارنست: "لست بحاجة إلى تصريح أمني لمعرفة من استفاد من النشاط الروسي الخبيث على الإنترنت".

وأضاف أرنست: "لقد كان الرئيس المنتخب هو من رفض الكشف عن العلاقات المالية مع روسيا، ولقد كان الرئيس المنتخب هو من وظف مدير الحملة الانتخابية الذي يملك علاقات واسعة ووثيقة مع روسيا، ولقد كان مستشار الرئيس المنتخب للأمن الوطني هو الذي يحصل على أموال من قناة روسيا اليوم، مصدر الدعاية الروسية)".

كما صرح أرنست بأن تايوان ليست عملة للمقايضة، مضيفا أنه "لا يجوز استخدام الجزيرة وسيلة لممارسة ضغوط على بكين".

وتأتي تصريحات ارنست بعد أن اقترح ترامب إمكانية التخلي عن "سياسة الصين الواحدة" التي تطبقها واشنطن منذ عقود، ما يسمح لها بالقيام بأعمال تجارية مع بكين.