ولد أبوزيد عام 1941 في القاهرة، وحصل على بكالوريوس المعهد العالي للسينما عام 1966، وليسانس آداب قسم علم النفس وفلسفة. بدأ مشواره بكتابة سيناريوهات لمسلسلات تلفزيونية حتى عام 1968، ثم انتقل إلى الكتابة للسينما فقدم نحو 26 عملاً، وتجربتين في المسرح هما «حمري جمري» 1995 و«جوز ولوز» 1993، وحقق في فترة السبعينيات نجاحات ملحوظة، في أفلام مثل «الأحضان الدافئة» لزبيدة ثروت وسمير صبري، و«الدموع الساخنة» لميرفت أمين ونور الشريف.

عمل أبو زيد مع فنانين ومخرجين كثيرين في مقدمهم المخرج علي عبد الخالق في أشهر خمسة أفلام هي «العار» و«الذل» و«جري الوحوش» و«الكيف» و«البيضة والحجر»، وجميعها برزت من خلالها شخصيته المستقلة، ومصطلحاته المتفردة، خصوصاً في «العار» و«الكيف». كذلك كتب الراحل أغاني تلك الأعمال الكوميدية الشهيرة، على غرار «الكيمي كيمي كا» و«تعالي تاني.. في الدور التحتاني»، و«آه يا قفا»، و«ترزي البنك» وغيرها.

Ad

السينما الشعبية

السينما الواقعية الشعبية هو المصطلح الأكثر توافقاً مع إبداعات أبو زيد لما تميزت به من أسلوب فريد في تقديم سرد واقعي لشخصيات شعبية ملموسة في واقعنا المصري.

تكشف أعماله مساوئ المجتمع وتبرز عوراته من دون المساس بخط السياسة الأحمر، يتضح ذلك من خلال «العار» و«الكيف»، إذ نقل المؤلف الوقائع خلال الثمانينيات من القرن الماضي على أكمل وجه، مع التركيز على أشهر القضايا التي أثارت المجتمع المصري من تجارة المخدرات وغسيل الأموال تحت ستار من الورع والإيمان والتجارة الحلال، مشيراً إلى التناقض المجتمعي المتذبذب بين الحلال والحرام وصولاً إلى ما هو «فهلوة». وفي أفلام أخرى، برزت الموعظة بشكل واضح حيث الشخصيات تهرع خلف تغيير الأقدار المكتوبة سلفاً، ولكن لا يتغير شيء مما أراده الله لهم، لذلك دائماً ما تكون نهايات تلك القصص مأساوية تحمل العار والذنب وطلب المغفرة.

وهكذا يمكن القول إن أبو زيد أسّس لما يسمى «سينما الوعظ»، منذ فيلمه الأول «بنات في الجامعة» إنتاج 1971 من إخراج عاطف سالم، ويدور حول إشكالية الانفتاح والتحرر الاجتماعي بعيداً عن براثن الكبت العائلي، واختلاف حياة الجامعات عن المدارس الثانوية، حتى «البيضة والحجر» و«الذل» إنتاج عام 1990.

نضج مشروعه الوعظي وشارك، مع توأمه المخرج علي عبدالخالق، في صناعة مجموعة هي الأشهر في أفلام السينما المصرية، وفي مطلع التسعينيات توقف مشروعه الملهم، وصنع أعمالاً مثل «ديك البرابر»، ومسلسل «العمة نور»، فلم يمثلا أي رافد لنهر إبداعه في سينما الواقعية الشعبية.

آراء

ترى الناقدة خيرية البشلاوي أن محمود أبو زيد قامة سينمائية مهمة جداً، ورغم اختفائه خلال الفترة الماضية، فإن أعماله باقية ومؤثرة في عقول جيلي الثمانينيات والتسعينيات، وما بعدهما، فهو نجح في صنع لغة خاصة به، عجز أي سيناريست عن منافسته فيها، لذلك لن يرحل أبداً.

وتضيف البشلاوي أن المادة السينمائية التي قدمها في مشروعه السينمائي، مبنية على فهم عميق للمجتمع المصري بتفاصيله، وقدرة كبيرة على تقديم قضاياه بوعي شديد، ساهم فيها بحث دقيق قام به عن كل شخصية في أفلامه، فـ «المنجد عبد القوي شديد» والجواهرجي «أبو الدهب» في «جري الوحوش» قدمهما أبو زيد بتفاصيل مهنتيهما الدقيقة، بما فيها اللغة والمصطلحات الخاصة بكل منهما، ذلك ضمن سيناريو محكم.

السيناريست والناقدة ماجدة خير الله تعلّق بدورها على الفرق بين الوعظ وبين الشكل الفني الإنساني، بأنه ليس بالوعظ المدرسي، إذ كان أبوزيد يضع فلسفته في قالب فني ممتع، فلم تطغ القيمة الأخلاقية على المتعة الفنية، فتلك التجارب كافة كانت تتوافر لها عناصر الإجادة السينمائية، ومن الرائع أن يكون للعمل الفني رسالة إنسانية. كذلك حملت نهايات أفلامه الجزاء المناسب لأبطاله، وهو غالباً عقاب إلهي من دون تدخل من الشرطة أو الجهات القانونية.

وتضيف خير الله أن في السينما العالمية نموذجاً يشبه أعمال أبو زيد، فالمخرج الكبير ألفريد هيتشكوك كان كاثوليكياً متديناً، وقدّم معظم أفلامه من هذا النوع الذي ينتهي بعقاب قدري للمجرم من الله.