«يوم للستات»!
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
بالطبع مررت الفكرة غير المستهلكة رسائل كثيرة، على رأسها أن اختيار المكان «حمام السباحة»، والوسيلة «الاستحمام»، جعلا التطهر، ونفض الهموم، والتحرر من القيود، فضلاً عن إعلاء شأن المرأة، بعد طول تحقير، ومحو النظرة الدونية إليها من الرجل، وفضح ازدواجية المجتمع، محطات مضيئة أضفت على الفيلم قيمة، ورسخت أهدافاً نبيلة، خصوصاً أن الفيلم لم يخل من حوار ساخر، ومواقف كوميدية رائعة. لكن المخرجة كاملة أبو ذكري أفرطت في تقديم مشاهد يغلب عليها الابتذال والترخص، وربما السوقية (مشاهد «جمعة» ورفاقه، ومشهد التشهير بالقطعة الداخلية لإحدى السيدات)، وعمدت إلى تحجيم انطلاقات بعض الفنانين، مثل محمود حميدة ونيللي كريم وإياد نصار، فيما تركت الحبل على الغارب لإلهام شاهين (منتجة الفيلم)، التي لا ننكر نجاحها في توظيف خبراتها، واستثمار نضجها، في أكثر من موضع في الفيلم، لكن مشاهدها تحولت، في النهاية، إلى «مونودراما» مسرحية!وقعت أحداث «يوم للستات»، كما نوهت العناوين، في مارس 2009 بالقاهرة، وهو ما أتاح للمنتجة/ البطلة أن توجه تحية بالصوت والصورة إلى رأس النظام في تلك الفترة، بحجة دعمه الفقراء وانحيازه إلى «الغلابة». لكنها عجزت عن مواصلة تبييض وجه النظام، عندما اضطرت إلى الالتزام بما كتبته المؤلفة، وحملته مسؤولية تغلغل التطرف، الذي وجد تربة خصبة تحت ظله (شخصية أحمد الفيشاوي الذي كفر والده وأهل الحارة جميعاً)، كذلك ألقت عليه تبعات دهس الفقراء تحت قضبان قطار أو غرقاً في أحضان عبَارة!تبقى موسيقى تامر كروان إحدى العلامات الفارقة في «يوم للستات»، خصوصاً في براعة تصوير حال نساء وفتيات الحارة في حمام السباحة، وما بعد عودتهن إلى الديار، وكأنها المقابلة بين الحياة والموت، بالإضافة إلى التوظيف الذكي من المخرجة للأغاني (شمس الشموسة صباح/ لما راح الصبر منه لشريفة فاضل)، وحالة الظمأ التي تسيطر على الشخصيات، وأيضاً مشاعر الألفة والدفء التي تستشعرها بين أبطال الفيلم، والأجواء التي تُعيدك إلى تجربة المخرج رضوان الكاشف في «ليه يا بنفسج».لكن الفيلم عانى كثيراً من القفزات غير المبررة، ربما بسبب خلل ما في السيناريو، الذي ألقى برسالته على عجل «كلنا مجروحين.. وكلنا بنقاوم»، من دون أن يتعمق أو يُعمق الشخصيات الكثيرة، التي جامل أصحابها الصديقة/ المنتجة على حساب مكانتهم (هالة صدقي مثال صارخ)!