«من قال ماذا؟»... حمل صفات العرض المتكامل إخراجاً وتمثيلاً
فرقة المسرح الكويتي قدمته ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان المحلي
فرقة المسرح الكويتي قدمته ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان المحلي
قدمت فرقة المسرح الكويتي مسرحية "من قال ماذا؟" مساء أمس الأول على خشبة مسرح الدسمة، ضمن العروض الرسمية التي تتنافس على جوائز مهرجان الكويت المسرحي المحلي الـ17، والعمل من تأليف وإخراج سامي بلال، وبطولة الفنانين أحمد الحليل وعلي الحسيني، وموسيقى ومؤثرات صوتية لمحمد الزنكوي.تدور فكرة العمل بصفة أساسية حول الصراع بين رجلين "أبيض وأسود" على الأفكار والمبادئ، وإثبات الهوية ومن له حق السيادة؟ ومن عليه واجبات العبودية، ويظل هذا الصراع يحتدم داخل منزل الرجل الأسود الذي اقتحمه الأبيض دون أن يدري أنه بيت زنجي، بهدف الاحتماء فيه من مظاهرة في الخارج للسود ينددون فيها بالممارسات العنصرية ضدهم رافعين شعار "موتوا ولن نأسف عليكم وسوف نهنأ بما بين أيديكم"، حيث قرروا قتل نظرائهم المواطنين البيض للحد من جرائمهم العنصرية!.وبعد مرور وقت من الحوار والجدل بين الشخصيتين عكس إلى حد كبير الفوقية والعنجهية، التي يتمتع الرجل الأبيض بها، والسلطة التي يملكها من حيث المناصب العليا، وقوة المال ووصفه للسود، لكونهم ينتمون إلى الطبقة الدنيا، لكنه عندما يدرك أنه يحتمي في بيت زنجي هنا تتغير المعادلة، ويصبح الطرف الأضعف ويفقد سلطته لدرجة أنه يخاطب الآخر بقوله: "أرجوك يا سيدي"، فيرد عليه: "سيدك؟!... أنا لست سوى زنجي!!"، ورغم أن هذا الرجل الأخير مثقف وناشط في حقوق الإنسان ويؤمن بالحرية، كما أنه لا يشعر بالدونية بسبب لونه، لكنه يتحول في نهاية العرض إلى مجرم وقاتل للطرف الآخر عندما يستشعر بالخطر الذي يهدد حياته ليضعنا العرض أما فرضية... "هل نحن نؤمن حقاً بالأفكار التي نعتنقها أم أنها مجرد شعارات؟، لاسيما أن العرض يحمل دلالات أخرى أكثر من مجرد اختلاف لون البشرة مثل اختلاف الآراء والمعتقدات والمذاهب، في وقت نحتاج فيه بالفعل إلى مثل هذه الأطروحات التي تناقش تناقض وتباعد الأفكار بين أبناء المجتمع الواحد، وإقصاء كل طرف للآخر، وقد قدمها العرض بمستوى فكري عميق وبعيد عن المباشرة أو التماس مع أحداث واقعية بعينها قد تسطح من عمق الفكرة.
بساطة وسلاسة
اتسم أداء الممثلين بالبساطة والسلاسة وفهم الأبعاد النفسية للشخصيتين، سواء الفنان أحمد الحليل أو الفنان علي الحسيني، ويحسب لهذا العرض تقديمه لهذين الفنانين كممثلين فوق خشبة المسرح في الوقت الذي تعودنا عليهما كمخرجين أكثر، وقد استطاعا أن يكشفا عن قدرات فنية جيدة لهما، ولكن يعاب على الاثنين اختفاء قوة الصوت المسرحي، الذي يجب أن يخرج من عمق الممثل ليصل إلى كل جنبات المسرح، إذ إن الصوت كان مسموعاً بالكاد في الصفوف الأولى للجمهور، لكنه كان يتباعد لدى الجالسين في المقاعد الخلفية، كما أن الحوار بينهما عانى في بداية العرض حتى منتصفه من التطويل والتكرار، وهو الأمر الذي أثر سلباً على إيقاع العمل.عناصر السينوغرافيا
تميز الديكور بالسوداوية خصوصا من حيث الخلفية وجانبي وسقف المسرح، وهي أجواء كانت مناسبة لطبيعة الفكرة المطروحة والحوار الدائر، كما تميز الديكور بوجود الكثير من القطع المتحركة على قضبان تدخل وتخرج من جانبي المسرح، وكانت تمثل إضافة إلى العرض، لاسيما أن حركتها كانت تتزامن مع صمت وثبات حركة الممثلين، كما تفاعلت الإضاءة إلى حد كبير مع أحداث العمل، وكذلك المؤثرات الصوتية والموسيقية التي كانت تظهر في لحظات الصمت، ما يعني أن جميع عناصر السينوغرافيا، إضافة إلى الحركة الجسدية للممثلين، شكلت انسجاماً وتناغماً كبيراً فيما بينها.في النهاية لا نملك سوى القول إن عرض "من قال ماذا؟" هو عمل فكري عميق وممتع حمل صفات العرض المسرحي المتكامل من حيث التأليف والإخراج، والتمثيل وعناصر السينوغرافيا.
السينوغرافيا والحركة الجسدية للممثلين شكلتا انسجاماً وتناغماً كبيراً فيما بينهما