كنا نعيب على مجلس 2013 المنحل أنه تسبب بأدائه الضعيف في فقدان هيبة المؤسسة البرلمانية، وتعطيل أدواتها الرقابية والتشريعية، حتى أطلق عليه مجلس "المناديب"، ولذلك حملت الانتخابات الأخيرة العديد من شعارات إعادة هيبة المجلس، فغيرت أغلبية نوابه، وتركت مسؤولية ترجمة هذه الشعارات للأعضاء الحاليين.الإرث السياسي للمجلس السابق ثقيل بلا شك، وبحاجة إلى انتفاضة تشريعية لتصحيح الكثير من مساراته التي هندستها الحكومة العائدة مجدداً برئيسها ومعظم وزرائها السابقين، ولهذا فإن العين الرقابية الحمراء مطلوبة بل أساسية مع الحكومة لإصلاح تلك المسارات، وهذا هو المقصود في إرجاع هيبة المجلس.
لكن ما يتم تداوله حول تشكيل وفود نيابية للذهاب إلى الحكومة لعقد صفقات حول بعض القضايا المهمة لا يبشر بالخير، خصوصاً أن المواضيع المقترحة ذات علاقة بالأغلبية المبطلة، وما نتج عن صدامها مع الحكومة منذ عام 2012 حتى الانتخابات الأخيرة، وعلى رأس هذه القضايا سحب "الجناسي" وسجناء الرأي، وهي بلا شك قضايا أساسية تحمل أولويات مهمة، ولكن ليس من الحصافة ولا التوقيت الزمني أن يتحول بعض نواب المعارضة "السابقة" إلى "مناديب" جدد لبحث أمور مفصلية من خارج رحم المجلس.خطوة بعض النواب في المقابل، وخاصة الوجوه الشبابية الجديدة، في وضع هذه القضايا وغيرها على سلم أولوياتهم البرلمانية، في منتهى الذكاء والمسؤولية، فما نحتاجه في هذه المرحلة هو حماية المواطن من سيف الابتزاز والتهديد السياسي في سحب الجنسية، ورد اعتبار كل مواطن تم تجريده من جنسيته لمواقف سياسية، وذلك من خلال إقرار تشريع يمكّن القضاء من كلمة الفصل في هذا الشأن، لا التكسب من استرجاع جنسية البعض فقط على الرغم من أن ذلك مستحقٌّ أيضاً، وذلك لضمان حق المواطنة مستقبلاً، وفي حالة تبدّل تحالفات الحكومة مع أطراف ضد فئات مجتمعية أخرى.الموضوع الآخر يتعلق بمحاولة إصدار عفو عام عن المعتقلين والمغردين لأسباب سياسية، ومن أجل الإفراج عن النائب السابق مسلم البراك تحديداً، والبراك لم يعد بحاجة إلى أي فضل أو منّة لأنه قارب على إنهاء مدة محكوميته خلال المئة يوم القادمة، ولا أتوقع أن شخصية بحجم "بو حمود" يقبل المتاجرة باسمه ومبادئه، وخاصة ممن تركوه وحيداً خلف القضبان، وتهافتوا على مقاعد مجلس الأمة، ضاربين عرض الحائط بوعودهم والتزاماتهم السياسية معه، لكن المطلوب هو إلغاء قانون الحرمان السياسي وقانون الجرائم الإلكترونية وقانون الحبس الاحتياطي عبر القنوات والأدوات الدستورية، وبمواقف صريحة ومعلنة لا عبر التفاوض خلف الأبواب المغلقة، أيضاً ليكون ذلك صمام أمان لجميع الكويتيين حاضراً ومستقبلاً بغض النظر عن تفاوت آرائهم ومواقفهم السياسية.هيبة المجلس تعني باختصار إعلان مجموعة من القضايا التي سلقتها الحكومة بالتعاون مع المجلس السابق، وإعطاءها مهلة لا تتجاوز الشهر لعمل ما يلزم بشأن إلغائها فوراً، مع تعديل النظام الانتخابي وفق رؤية مجلس الأمة، تداركاً للوقت وللألغام الدستورية التي تواجه استمرار المجلس الجديد، وهذا أقل ما يمكن أن يقدمه النواب لرد تحية الشعب الكويتي لهم في الانتخابات الأخيرة!
مقالات - اضافات
هيبة المجلس و«المناديب» الجدد!
16-12-2016