يثير ازدراء الرئيس المنتخب دونالد ترامب تقريرا سريا أعدته وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) عن تدخل روسيا في الانتخابات الاميركية، الى جانب رفضه تلقي التقارير الأمنية من الوكالة التي تعتبر مصدر المعلومات الرئيسي للبلاد، قلقاً لدى خبراء يتخوفون من إحداث فجوة غير مسبوقة في العلاقات بين رئيس ومؤسسة أساسية في النظام الأميركي.وفي هذا السياق، قال المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية مايكل هايدن لتلفزيون "سي ان ان"، أمس الأول: "أعتقد ان الرئيس المنتخب هو المسؤول الاميركي البارز الوحيد الذي لم يعترف بعد بأن الروس قاموا بشن حملة واسعة النطاق وخفية ضد الولايات المتحدة".
واعتبر هايدن ان ترامب برفضه رأي وكالة الاستخبارات اختار الاتفاق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يعتبر غريما خطيرا لواشنطن. وفي مقابلة تلفزيونية بثت الاحد الماضي مع قناة "فوكس نيوز"، قال ترامب حول معلومات عن تدخل موسكو لمساعدته: "اعتقد انه امر سخيف، انها ذريعة جديدة لا اصدقها"، مؤكدا ان ذلك رد من الديمقراطيين على خسارتهم الانتخابات.وأضاف: "لا يعرفون اذا كانت روسيا او الصين او اي جهة اخرى مارست القرصنة ضد هيئات سياسية خلال حملة الانتخابات الرئاسية، قد يكون شخصا كان في سريره بمكان ما. لا يعرفون شيئا بعد".ورفض فريق ترامب الانتقالي بشكل اكثر حدة منه هذه الخلاصات، معتبرا ان المحللين اصحاب الاستنتاجات "هم انفسهم من قالوا ان (الرئيس العراقي الاسبق) صدام حسين يملك اسلحة دمار شامل".
رد مهين
واعتبر مسؤولون سابقون في الوكالة هذه التصريحات مهينة، محذرين من الاضرار المعنوية التي قد تلحق بالوكالة المفتخرة بتقديمها تقييمات غير مسيسة.وقال مدير العمليات السابق في "سي آي ايه" جاك ديفاين (32 عاما) إن خطوة ترامب "غير مسبوقة"، مضيفا: "اعتقد انه كان من الخطأ الشديد تجاهل خلاصات استخباراتية والوكالة بشكل ابعد". وأكد ديفاين، الذي يشغل حاليا منصب مدير شركة الاستشارات الامنية "اركين غروب"، أن وكالة الاستخبارات المركزية مؤسسة سيحتاج ترامب للاعتماد عليها حين تنصيبه رئيسا في 20 يناير المقبل، معرباً عن قلقه من أن يؤدي "الخلاف العلني إلى قضايا معنوية داخل الوكالة".المجاهرة
واعتبر الموظف السابق في الوكالة هنري كرمبتون ان توصل البيت الابيض والسي آي ايه إلى استنتاجات مختلفة من معلومات استخباراتية واحدة أمر مألوف، مستدركا "لكن الامر غير العادي هو مجاهرة الرئيس المنتخب بموقف علني مخالف للمجتمع الاستخباراتي بهذا الشكل المهين".التقارير الأمنية
ويقول الخبراء إن ترامب صب الزيت على النار عبر سخريته من الـ"سي آي ايه" ورفضه تلقي تقارير يومية سرية ترفع للرئيس من مستشاريه الأمنيين الكبار.وقال ترامب في المقابلة التلفزيونية عن هذه التقارير"أتسلمها حين احتاج اليها"، موضحا "انتم تعلمون. انا شخص ذكي لا احتاج إلى ان يقولوا لي الامر نفسه والكلمات نفسها يوميا خلال الاعوام الثمانية المقبلة. لان ذلك قد يستمر ثمانية اعوام".واعتبر كرامبتون ان مثل هذه المواقف ستضع عضو الكونغرس مايك بومبيو الذي رشحه ترامب لقيادة وكالة "سي آي ايه" في موقف صعب بين بناء علاقة مع موظفي الوكالة وفرض احترامها على ترامب.وأكد كرامبتون ان القضية ليست مجرد مسألة معنويات واحترام، لأن الرئيس سيكون لديه عبر مدير الوكالة خط مباشر للعمليات السرية.وأوضح أن "هذا الامر يتطلب وجود ثقة"، مشيرا إلى ان اهانة البيت الابيض للوكالة قد يضر بسمعتها دوليا.وبحسب كرامبتون، فان "الرئيس هو الزبون رقم واحد للمعلومات الاستخباراتية للسي آي ايه"، مضيفا: "في حال شكك بهم الرئيس، فقد يلقي ذلك ظلالا على مصداقية الوكالة بين أجهزة الاستخبارات العالمية".