كشف مصدر مطلع من الكوادر العسكرية الإيرانية المعنية بالملف السوري، أسباب الخلاف بين روسيا من جهة وإيران من جهة أخرى، في المفاوضات مع الأميركيين والأتراك بشأن حلب، مؤكدا لـ «الجريدة» أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حسم بنفسه الخلاف بشأن اتفاق خروج المسلحين والمدنيين من شرق حلب، وفرضه من خلال التهديد بسحب طائراته من سورية، ومتعهدا بحماية المنسحبين.
شروط الخروج
وأفاد المصدر بأن الجانب الإيراني كان يريد استغلال خروج مسلحي المعارضة من شرقي حلب بعملية تبادل أسرى وجرحى وجثث مقاتلين، في حين أن الروس توافقوا مع الأميركيين والأتراك على إخراج مسلحي المعارضة دون أي شروط.وبحسب هذا المصدر، فإن الأزمة طفت على السطح، عندما فوجئ الإيرانيون بالاتفاق الروسي - التركي، حيث تم إبلاغهم إياه بشكل بلاغ من قائد الى عناصر، بدل أن يكون بشكل تشاوري، وبعد أن تبين أن عدد مسلحي المعارضة الموجودين في المنطقة يزيد على 5 آلاف، فإن الروس أكدوا للجانب السوري أن هناك فقط ألفي مسلح.تسجيل المعلومات
وأضاف المصدر أن الجانب الإيراني وخلفه النظام السوري كانا مصرين على إحصاء جميع الذين يريدون الخروج من شرق حلب وتسجيل معلوماتهم، في حين أن الجانب الروسي كان يرغب بخروج كل من يريد الخروج من شرق حلب بأسرع وقت ممكن.الفوعة وكفريا
وأصر الإيرانيون على أن أي عملية خروج للمقاتلين من شرق حلب يجب أن تتضمن خروج جرحى بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين وإيصال المساعدات اليهما، في حين أن الروس كانوا يعدون بالتفاوض على هذا الأمر بعد إخراج المسلحين، مشيرين الى أنهم يقومون بإسقاط المساعدات على هذه المناطق بالطائرات، ولهذا لا يجب أن يكون هذا الموضوع سببا لعرقلة الاتفاق.تهديد إيراني
وحسب هذا المصدر، فإن الإيرانيين هددوا يوم الثلاثاء بأنهم سيستهدفون أي حافلة تخرج من شرق حلب وتدميرها في حال لم يتم تلبية مطالبهم.وقال المصدر إن الروس كانوا مصرين على تسوية مسألة حلب بخروج المقاتلين منذ أكثر من أسبوعين، وإن إيران رفضت متخوفة من الخطة التركية - الأميركية القديمة القاضية بإدماج مقاتلي جبهة النصرة بالمعارضة المعتدلة، وإعطائهم دورا في العملية السياسية المستقبلية.وحسب هذا المصدر، فإن الروس يصرون على خطة دفع جميع المقاتلين الى منطقة إدلب، ثم محاصرتهم والانقضاض عليهم هناك، في حين أن الإيرانيين يعتبرون أن هذه الخطة لن تجدي نفعا ويتبنون نظرية الإبادة.بوتين يحسم
وأكد المصدر أن الخلافات تفاقمت يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين الى درجة استدعت تدخل شخصيات على مستوى عال. وجرت اتصالات بين الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان والإيراني حسن روحاني والسوري بشار الأسد ووزراء خارجية بلدانهم، وكنت هناك اتصالات روسية مع الولايات المتحدة ودول أوروبية، ولكنها لم تثمر، وحسم بوتين المباحثات أمس بفرضه الاتفاق الذي تم بين روسيا وتركيا والولايات المتحدة، مهددا بأنه إذا لم يتم تنفيذ هذا الاتفاق أو عرقلته بأي شكل من الأشكال، فإنه سيأمر بخروج الطائرات الروسية من سورية. ويضيف المصدر أن النظام السوري انحاز الى حد ما الى جانب إيران في هذا الخلاف.خلافات متصاعدة
ويلفت المصدر الى أن الخلافات بين الإيرانيين والروس بدأت منذ فترة، حيث إن طهران تعتبر أن الروس يريدون استغلال أي مكسب بسورية في المفاوضات مع الولايات المتحدة على أوضاعهم المحلية، ولا يريدون انتهاء الحرب السورية بسرعة، قبل أن يصلوا الى اتفاقات مع الأميركيين على شؤون دولية ومناطق نفوذ تشبه الوضع الذي كان سائدا في الحرب الباردة زمن الاتحاد السوفياتي.وانتقد المصدر الإيراني الأداء العسكري الروسي في تدمر، مشيرا الى أن موسكو لم تحرك ساكنا مع أن الرادارات الروسية ترصد جميع التحركات، مؤكدا أن طهران تشك بأن موسكو كانت على علم بعملية «داعش» في تدمر، ويضيف أن ما يزيد من غضب الإيرانيين هو الاتصالات والتنسيق بين روسيا وإسرائيل في جميع العمليات، وفيما يخص الأسلحة الروسية الموجودة في سورية، وهناك أوامر لمراكز الدفاعات الجوية الروسية الموجودة في سورية بعدم التعاطي مع الطيران الإسرائيلي أو التركي كطائرات معادية، وعليه، فإن الطائرات الإسرائيلية تسرح في الأجواء السورية بطلاقةوتستهدف قوات حزب الله حينما تشاء.استنتاجات إيرانية
ويختم المصدر بالقول إنه عمليا لم تتعاط موسكو مع الإيرانيين كحلفاء، وإن طهران باتت مقتنعة بأن خطأها الاستراتيجي مع دمشق كان إعطاء الروس الوكالة بالتفاوض عنهم، وهي تفكر حاليا بالدخول بمفاوضات ثنائية ومباشرة مع الولايات المتحدة وتركيا والسعودية لإفهام الروس بأنهم ليسوا اللاعبين الوحيدين على الساحة السورية.