مثل أي أميركي يعيش في الخارج، أسمع في أغلب الأحيان تذمراً من النفوذ الأميركي في العالم، وعبر السنوات تعلّمت أن الرد الأفضل يتمثل في الإقرار بأن قيادة الولايات المتحدة للنظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية كانت بعيدة عن الكمال، لكن إذا كنت لا تحب أميركا فانتظر حتى تتسلم الصين دفة القيادة.

ومن قبيل التأكد، انظر إلى باها مار، وهو مشروع منتجع بقيمة 3.5 مليارات دولار في الباهاما، فقد أنقذ ثم دمر من قبل كيانات صينية مملوكة للدولة، وتم طرد مؤسسه إرضاءً للصين ويوشك أن يوضع تحت أيدي عائلة الملياردير تشنغ من هونغ كونغ، التي ترتبط منذ زمن طويل بصداقة مع سلطات البر الصيني والمستثمرين في ماكاو.

Ad

ويتمثل الغموض الأكبر في ما إذا كانت مشاريع تشو تاي فوك التابعة لتشونغ تقدم خدمة أكبر إلى بكين أو أن بكين تقدم خدمة أكبر إلى تشو تاي فوك.

وعلى الرغم من اكتمال المشروع بنسبة 97 في المئة، فإن باها مار، الذي يحتوي على 2200 غرفة ضيوف وملعب غولف من تصميم جاك نيكلاوس يظل مغلقاً.

ويعتبر مشروع المنتجع الأكبر من نوعه في الكاريبي أحد عناصر تغيير اللعبة المحتملة بالنسبة إلى الباهاما، التي شهدت تراجعاً في عدد السياح بحوالي 20 في المئة إلى 1.3 مليون سائح خلال العقد الماضي، وهو يتوقع أن يسهم بأكثر من مليار دولار في الاقتصاد الوطني سنوياً ويسهم في تحسين الناتج المحلي الاجمالي بأكثر من 10 في المئة.

بدأ تاريخ باها مار مع رئيس وزراء الباهاما بيري كريستي بعد اتصاله مع وريث ملياردير السلع المقيم في الباهاما سركيس إزميرليان من أجل تطوير هذا المنتجع.

لكن تمويل المشروع تبخّر وسط أزمة الائتمان في سنة 2008. ثم كان دخول الصين، التي قدم بنك التصدير والاستيراد فيها قرضاً بقيمة 2.5 مليار دولار، كما قدمت شركة هندسة البناء الصينية المملوكة للدولة، على شكل مقاول أولي عبر فرعها الأميركي، 150 مليون دولار وقدم إزميرليان 850 مليون دولار.

واشتملت اتفاقية القرض على شروط تقضي أن بوسع شركة هندسة البناء استيراد عمال بناء صينيين على الرغم من معدلات البطالة العالية في الباهاما، التي وصلت إلى معدل ثنائي الرقم، وأنه لا يمكن لباها مار طرد المتعاقد، الذي لم يسبق له أن شيد منتجعاً من مستوى باها مار.

وقد عانى المشروع من أعمال بناء رديئة وتخلف عن المواعيد النهائية.

وقد مرت ثلاثة مواعيد افتتاح بين شهر ديسمبر من عام 2014 ومارس 2015 مع تكبّد باها مار أعباء 2000 موظف برواتب تبلغ 4 ملايين دولار شهرياً.

وفي شهر يونيو الماضي تقدم مشروع باها مار بطلب إشهار إفلاس أمام محكمة أميركية مما أحرج القيادة في بكين وناسو. وأكدت الباهاما الاختصاص ومع ما قيل عن إملاء مشاريع الدولة الصينية للشروط – ليس فقط بوصفها أكبر مستثمر في باها مار – بل بصورة وكيل لكل الاستثمارات في الباهاما، بما في ذلك كلوب ميد، في وسط خطة إعادة التطوير الرئيسية في ناسو وعمليات الميناء.

وأقرضت شركة تشاينا هاربر إنجنييرنغ وهي شركة أخرى مملوكة للدولة 50 مليون دولار من أجل الحفاظ على المنتجع مع استبعاد فريق إزميرليان من المفاوضات وقول المتعاقدين المحليين أنهم مدينون بـ 74 مليون دولار.

وحاول رئيس الوزراء كريستي أكثر من سنة التوسط لبلوغ اتفاق من أجل إتمام وافتتاح المنتجع وحفظ ماء وجه حكومته وبكين.

وبعد أشهر من الإنذارات الزائفة ظهرت شركة مشترية: تشو تاي فوك إنتربرايسز، التي يسيطر عليها ورثة الملياردير تشنغ يوتنغ، الذي توفي في شهر سبتمبر الماضي، بعد أن أمضى سنوات في غيبوبة.

ثم أصبحت مشاريع عائلة تشنغ أكبر الاستثمارات الأجنبية في البر الصيني، على الرغم من اتفاقات الملكية في أعقاب مذبحة ساحة تيانانمين عام 1989، عندما أقدم العديد من شركات هونغ كونغ على ترك الصين. وكانت شركة تشو تاي فوك انتربرايسز، التي تملك حصة من 10 في المئة في كازينو ستانلي، هو عبر سوسيديد دو توريزمو اي ديفرسوز دو ماكاو كانت مرتبطة بشكل أولي مع باها مار عن طريق سلسلة فنادقها الفخمة روزوود، وسوف تكون تلك الماركة جزءاً من عملية الاحياء.

وعلى أي حال، تستشهد شركة تشو تاي فوك انتربرايسز باتفاقية لعدم الكشف عن مزيد من التفاصيل. وبانتظار موافقة الحكومة على الاتفاق يقول كريستي، إن الشركة سوف تستثمر 200 مليون دولار في افتتاح مرحلي يبدأ في الربع الثاني من العام المقبل مع تشغيل 1500 شخص في شهر يناير.

ويحتج المناوئون بالقول، إن كريستي عمل على توقيت التوظيف بحيث يتصادف مع الانتخابات المقبلة. كما يركزون أيضاً على روابط شركة تشو تاي فوك انتربرايسز مع مستغلي ماكاو.

وبمناسبة الحديث عن هؤلاء نذكر قيام فريق حكومي بالذهاب إلى ماكاو من أجل تقييم عمليات كازينو شركة تشو تاي فوك انتربرايسز وهو شيء لا وجود له.

وكانت مجموعة تشنغ من المستثمرين الصامتين في ماكاو، ولا دور لها في الأنشطة اليومية، كما أن هنري تشنغ، الذي خلف والده كرئيس لشركة تشو تاي فوك جويلري ونيو وورلد ديفيلوبمنت أخذ أيضاً مقعده في مجلس إدارة إس جي إم هولدنغز، ولكن من دون مسؤوليات تنفيذية فيها.

ويشير البحث عن علاقات عائلة تشنغ السرية إلى أن أجهزة تنظيم المخاطرة في أستراليا وفيتنام لم تقم بواجبها نظراً إلى أنها وافقت على شركة تشو تاي فوك انتربرايسز كشريك في كوينز وارف بريسبن لإعادة التطوير، التي تبلغ قيمتها 3 مليارات دولار ومطور رائد في هوي أن ساوث انتغريتد ريزورت التي تبلغ قيمتها 4 مليارات دولار. ويتعين ألا تتركز المعارضة لاتفاق باها مار على الجريمة المنظمة في ماكاو بل على الرأسمالية الصينية المنظمة. لقد أضرت الشركات الصينية المملوكة للدولة بباها مار وبمساعدة حكومة الباهاما سوف تستفيد المصالح الصينية من الكارثة الناجمة.

وتظهر باها مار أنه لا يوجد هناك غداء مجاني، وخصوصاً عندما تختار شريكاً صينياً.