نسج المخرج عبدالعزيز صفر، ثوبا جديدا من قماشة قديمة، عندما استدعي الى الذاكرة «العائلة الحزينة» للكاتب الصربي برانيسلاف نوشيتش، وحولها إعدادا وإخراجا الى عمل مسرحي متكامل الأركان بامتياز لفرقة مسرح الخليج العربي على مسرح الدسمة في الليلة الرابعة من ليالي مهرجان الكويت المسرحي الـ17.

جاء العمل الذي اتخذ طابع الإيقاع السريع متصاعد الأحداث متكامل الأركان، سواء من تمكن المخرج من استخدام الآليات والتجهيزات لخلق مسرح ملحمي اجتماعي يشبهه ويتلاءم مع نهجه وأفكاره في التناول، من خلال حركة الممثل والغناء والرقص والارتباط مع الجمهور بشكل مباشر، والإضاءة البراقة وإيقاعات النقر، سواء على القنينات أو فناجين القهوة للانتقال من مشهد الى آخر.

Ad

واستخدم صفر المسرح الواسع في تحويل المتلقى الى فرد في عمق العمل، من خلال منهجه الذي يستمده من مدرسة «السيكلوراما» لخلق حالة من الاندماج، وهو الأسلوب الذي يميزه، والذي يسمى بـ «تأثير الالتحام»، ليظل الجمهور واعيا بما يعيشه وما يريد أن يوصله العمل من رسائل.

المسرحية نسجت نسجا محكما، بداية ونهاية وقصدا، وإن كان الفضل يرجع إلى فكرة النص المستلهم لمبدعه الروائي الصربي الذي عرضت له مسرحيتان من قبل في الكويت، هما «ممثل الشعب» و»حرم سعادة الوزيرة».

وأيضا يرجع النجاح لهذا العمل الى أبطاله من الممثلين، وهم فاطمة الصفي، ومريم حسن وسارة رشاد، وعلي بولند، وإبراهيم الشيخلي، خالد المظفر، ميثم بدر، عبدالعزيز بهبهاني الذين امتعوا الجمهور بحضورهم المتألق ومواهبهم العريضة.

تدور أحداث مسرحية «العائلة الحزينة» حول مجموعة من المواقف تظهر دواخل النفس التي تدفعها المصلحة لتحقيق مكاسب حتى من رحم الأحزان، وعندما تتنافى المصلحة باكتشاف خروجهم من المولد بلا حمص، تنقلب الحالة من النقيض الى النقيض، لأنها في الأول والآخر مشاعر مزيفة ومغلفة بالطمع.

وتبدأ فصولها بموت رجل ثري يتجمع أفراد أسرته لمعرفة أنصبتهم في التركة، وخلال فترة الأربعين يوما من الوفاة، وحتى فتح الوصية، تدور مواقف بين مجموعة العمل حول من يحقق الاستفادة الكبرى، حتى لو من خلال «منبه فضي» أو أطقم لشرب القهوة، وعندما يكتشفون أن للمتوفى فتاة غير شرعية هي الأحق بنصيب الأسد، يتحول مدحهم له الى ذم، وطريقة تعاملهم مع الوريثة التي كانت خادمة من الإذلال الى رفع مقامها على الرأس.