وسط حديث عن خلافات متصاعدة بين حلفاء دمشق، مرت عملية إجلاء المدنيين والمقاتلين من شرق حلب، التي تتم وفق اتفاق روسي - تركي، بيوم شاق أمس، بعد أن عرقلت الميليشيات الشيعية العراقية واللبنانية والإيرانية إلى جانب ميليشيات سورية تقاتل مع القوات المؤيدة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد العملية للمرة الثانية منذ يوم الثلاثاء الماضي، بسبب عدم إخلاء الجرحى من قرية كفريا والفوعة الشيعيتين وبعد أن اتهمت المسلحين بالإخلال بالاتفاق.

وقامت الميليشيات إلى جانب جنود من قوات الأسد باعتقال نحو 800 شخص على معبر الراموسة لساعات قبل أن تطلق سراحهم مع ورود أنباء عن إخلاء الجرحى من القريتين الشيعيتين.

Ad

واتهمت وسائل إعلام موالية للنظام السوري وحلفائه المسلحين بالإخلال بالاتفاق، حيث بادروا إلى إخرج كبار قادتهم في الدفعة الأولى ولم يطلقوا سراح أسرى الجيش السوري الموالي لنظام الرئيس بشار الأسد.

وكانت موسكو أعلنت أن عملية الإجلاء انتهت لكن النظام السوري أكد أن العملية معلقة، الأمر الذي أظهر خللاً في التنسيق وأزمة ثقة ظهرت إلى العلن بين حلفاء الصف الواحد في الأيام الأخيرة.

ومع حلول المساء، جددت موسكو القول، إن عملية الإخلاء انتهت مؤكدة أن المدنيين خرجوا بالكامل من هذه الأحياء، وأن غالبية المقاتلين انسحبوا، مضيفة أن قوات النظام تشن هجوماً على آخر جيب يوجد فيه مقاتلو المعارضة تحديداً في حي السكري.

وقال مصدر عسكري، إن عملية الإجلاء "لم تنته، بل علقت (...) المسلحون خرقوا مضمون الاتفاق". وعزا المصدر تعليق العملية الى "إطلاق نار، ومحاولة أخذ مخطوفين (معهم من حلب الشرقية) ومحاولة تهريب أسلحة متوسطة في حقائب".

وقالت ممثلة منظمة الصحة العالمية في سورية إليزابيث هوف "طلب من موظفي الصليب الأحمر والهلال الأحمر، ومن منظمة الصحة العالمية (وهي الجهات المشرفة على عمليات الإجلاء) مغادرة الموقع"، من دون تلقي تفسير لذلك.

وأعربت هوف عن قلقها على مصير المدنيين العالقين في حلب. وقالت "هناك أعداد كبيرة من النساء والأطفال دون الخامسة من العمر يجب أن يخرجوا (...) هؤلاء يجب أن يعودوا إلى منازلهم بعد وقف المعارك، وهذا يقلقنا كثيراً لأننا نعرف مدى معاناتهم".

مفاوضات سياسية

وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن موسكو ستواصل المحادثات الآن من أجل تعميم وقف إطلاق النار في عموم سورية، مضيفاً: "نجري مفاوضات مع ممثلي المعارضة المسلحة، خصوصاً بفضل وساطة تركيا"، مؤكداً أن الوقت مناسب لحل سياسي.

بدوره، شدد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو على أن الهدف الرئيسي لبلاده هو تطبيق وقف إطلاق النار في عموم سورية وفك الحصار عن المناطق دون تمييز "طائفي" وإحلال السلام عن طريق الحل السياسي.

ونفى الوزير التركي تعليق عملية إجلاء المدنيين من شرق مدينة حلب، مضيفاً أن نحو ست قوافل مكونة من حافلات عدة وصلت إلى مدينة إدلب قادمة من حلب.

وأشار إلى أن قوات النظام السوري وداعميه "يحاولون عرقلة" إجلاء المدنيين، خصوصاً بعد تعرض إحدى القوافل لإطلاق نار، لافتاً إلى اتصال أجراه مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف حول هذا التطور.

وأكد أهمية الدور الروسي والإيراني فيما يتعلق بحل الأزمة السورية موضحاً أن مباحثاته المتكررة مع ظريف "تأتي في إطار ممارسة القيادة الإيرانية ضغوطاً على الميليشيات الموجودة في سورية للالتزام بوقف إطلاق النار".

وفي هذه الأجواء، أعلن منسق المفاوضات عن المعارضة السورية رياض حجاب، إن المعارضة مستعدة للمشاركة في المفاوضات السياسية التي دعت إليها موسكو، وتشكيل حكومة انتقالية بين النظام والمعارضة تملك صلاحيات كاملة.

تدمر

في سياق آخر، اعتبر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمس أن سقوط تدمر السورية في يد "داعش" سببه عدم التنسيق بين روسيا والنظام السوري والتحالف الدولي.

يأتي هذا التصريح عقب انتقادات دولية عديدة طالته، لاسيما من قبل وزيري الدفاع البريطاني والأميركي اللذين أجمعا على أن روسيا تدعي محاربة "داعش"، لكن الواقع على الأرض مغاير تماماً، ولعل أكبر دليل ما حصل في تدمر.

وفي تطور جديد وغير مسبوق، أعلن الجيش الأميركي أن التحالف الذي تقوده واشنطن شن غارات جوية دمرت 14 دبابة ومنظومة للدفاع الجوي قرب تدمر.

انفجار

وفي تطور ميداني، وقع انفجار في دمشق وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان لافتاً إلى سقوط جرحى.

من جهتها، نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر في قيادة شرطة دمشق أن "تفجيراً إرهابياً وقع في قسم شرطة الميدان بدمشق".