توجد طرق مؤكدة بشكل نسبي تستطيع الحكومة من خلالها تحسين نمو الانتاجية في الأجل الطويل، ومن بين هذه السبل التوسع في ميدان التعليم.

وثمة وجهتا نظر في ما يتعلق برؤية الاقتصاديين لقيمة وأهمية الدراسة الجامعية، وتتمثل وجهة النظر الأولى في تعليم الشباب القيام بما يلزم من أجل تحقيق النجاح في ميدان العمل في المستقبل.

Ad

وتكشف الجامعة مدى ما تتمتع به أنت من ذكاء وبراعة، وإلى أي حد يمكن أن يتم دفعك الى العمل الجاد مع رغبتك في تنفيذ ما يطلبه منك أساتذتك، ومن يعجز عن بلوغ هذا الهدف يتعين عليه أن ينقطع عن الدراسة، بحسب النظرية، ليترك لمن يتمكن من متابعة الدراسة حتى التخرج الفرصة من أجل الحصول على وظيفة مجزية، وهذه فكرة منتشرة على نطاق واسع بين الاقتصاديين، على الرغم من تشكيكي في هذه النظرية.

وتتمثل وجهة النظر الثانية في أن الدرجة الأعلى من التعليم تعلم الناس في الواقع العديد من الأشياء المفيدة، ويطلق على هذه الفكرة اسم نموذج رأس المال البشري، وفي حقيقة الأمر فإن هذا النموذج لا يشمل فقط المهارات التي يتعلمها الطلبة في قاعات الدرس، كما أن الاستقلالية الأوسع ومهارة إدارة الوقت والتعرض لطرق جديدة في التفكير تشكل كلها أجزاء من هذه المعادلة، ثم إن العامل الأكثر أهمية يمكن أن يكون الرسملة المجتمعية، وهي قيمة الشبكات البشرية التي يبنيها المرء خلال دراسته الجامعية.

قد تنطوي هاتان النظريتان على حقيقة، وتشكل كل واحدة منهما قطعة من الأحجية المحيرة، فعلى سبيل المثال فإن الدليل يظهر أن مكاسب الرسملة البشرية أساسية وحيوية، كما أن القوانين التي تفرض على الشبان الالتحاق بالمدارس العامة كانت لها تأثيرات إيجابية، وخاصة بالنسبة الى الأطفال الذين يتسم آباؤهم بدرجة أقل من التعليم.

والتعليم ليس الطريقة الوحيدة التي تستطيع الجامعات من خلالها تحسين النمو الاقتصادي، فهو يفضي أيضاً الى البحث ولدى التقنيات الحديثة العديد من المسارات التي تشمل المختبرات وعالم الصناعة، وتشكل بالتالي الطريق الى الشركات، ويمكن كتابة ذلك في أوراق خاصة تؤثر على الطلبة الذين يقررون تأسيس شركات استناداً إلى تلك الأفكار، ثم إن المزيد من الابتكار يعني درجة أعلى من الإنتاجية والمزيد من الشركات السريعة النمو.

وثمة أدلة على الحجم الكبير لهذا التأثير، وقد وجدت دراسة أجراها في سنة 2013 شارون بيلنزون ومارك شانكرمان أن براءات الاختراع التي تم الحصول عليها خلال الدراسة الجامعية كانت محلية الى حد كبير، وبكلمات اخرى اذا أسست جامعة في منطقة ما فإن التقنية التي تطرحها تميل الى البقاء في تلك المنطقة، وتشير دراسة أعدها أوتو تويفانن ولوتا فانانن إلى أن المخترعين الفنلنديين الذين تربوا على مقربة من الجامعات مع دراسة هندسية في الجامعات يميلون الى الاختراع في مرحلة لاحقة من حياتهم.

وفي الآونة الأخيرة درست آنا فاليرو من كلية الدراسات الاقتصادية في العاصمة البريطانية لندن وجون فان رينن من معهد ماساشوستس للتقنية تأثيرات الجامعة على النمو بصورة مباشرة، وتبين لهما أن الوجود على مقربة من جامعة يفضي الى توسع أسرع في القطاع الخاص المحلي. واستبعد المؤلفان العوامل الاخرى مثل اتجاهات النمو الموجودة والنماذج الجغرافية، وتبين لهما أنه مهما كان العمل لتقسيم المعلومات فإن الجامعات يبدو أنها تجعل المنطقة أكثر ثراء، ولكن التأثير ليس كبيراً بما فيه الكفاية، فقد أثبتت مضاعفة عدد تلك الجامعات في منطقة ارتفاع دخل الفرد في الناتج المحلي الاجمالي بنسبة تتراوح بين 4 و5 في المئة خلال فترة الدراسة، لكن نظراً لأن المناطق التي شملتها الدراسة كانت كبيرة، ولأن التأثيرات انتقلت الى مناطق اخرى لم يكن ذلك سيئاً.

ومن هذا المنطلق يمكن القول إن الجامعات تعطي الاقتصاد دفعة تحسين من خلال العديد من الأقنية، والسؤال هو كيف تستطيع الحكومة الاستفادة من هذا التأثير؟ تتمثل إحدى الطرق ببساطة في بناء المزيد من الجامعات، ولا تتم خدمة كل المناطق بصورة متساوية بجامعات محلية، وتوجد بعض المناطق التي تفتقر الى العديد من الجامعات الجيدة، وعلى سبيل المثال يمكن للحكومة الفدرالية إقامة جامعات جديدة في مواقع توجد فيها قلة من الجامعات الرسمية أو الخاصة، كما أن مدارس الولاية تستطيع زيادة عدد الطلبة من أجل تحقيق هذه الغاية.

* Noah Smith