طموحات المالكي تهدد معركة الموصل وتقلق واشنطن وبغداد

نشر في 17-12-2016
آخر تحديث 17-12-2016 | 00:14
نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي السابق
نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي السابق
يكافح نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي السابق، كي يعود إلى الأضواء بكرامة، لكنه لا ينجح كما يبدو، فهو في كل مرة يعود بطريقة سلبية تجعل الجمهور يستذكر ما يوصف بأنه سياسات خاطئة أدخلت العراق في موجة عنف واحتراب، بعد استقرار نسبي تحقق بين ٢٠٠٨ و٢٠١٣، لكن محنته تكبر رغم أنه يوصف بأكثر الساسة العراقيين ثراء في زمن تراجع أسعار النفط، ووصل الأمر، كما تقول كواليس حزب الدعوة الحاكم الذي ينتمي إليه، إلى توقع انشقاق تاريخي غير مسبوق في هذا التنظيم الذي يعمل كحزب إسلامي منذ ١٩٥٧م، ويعد الأكثر انضباطاً بين التكتلات السياسية.

ولم يتمكن قادة الحزب من إخفاء خلاف كبير حول مصير أدائه السياسي، إذ ترشح من مصادر موثوق بها أن حيدر العبادي رئيس الوزراء المتمسك بسياسات تهدئة إلى حد كبير، غاضب من سلفه المالكي، لأن الأخير يدير حواراً مع الفصائل الشيعية المتطرفة من أجل تشكيل قائمة انتخابية كبيرة، وهو يبدو لأول وهلة انشقاقاً من المالكي عن جناح العبادي الذي لا يمكن أن يتحالف مع الميليشيات المقربة من طهران في انتخابات عامة مقررة بعد نحو ١٤ شهراً، وبدأ الإعداد لها منذ هذه اللحظة.

وترشحت هذه المعلومات بعد جولة قام بها المالكي في محافظات أقصى الجنوب، بدأت بميسان وذي قار، وانتهت بالبصرة، في محاولة لتحشيد جمهور جديد، بعد أن ذهب معظم جمهور المالكي إلى خليفته حيدر العبادي الذي أصبح رئيس الحكومة منذ ٢٠١٤م، لكن المالكي بقي أميناً عاماً للحزب، وقام بتحريك البرلمان مراراً ضد رئيس الوزراء، في سابقة تاريخية داخل الحياة السياسية في العراق جعلت العبادي بلا كتلة نيابية تدعمه في لحظات كثيرة.

ولأول مرة أصبح الرأي العام العراقي غير عابئ بالمالكي الذي شغل الناس ثماني سنوات هي فترة ولايتيه، لكن جولته في الجنوب العراقي الأسبوع الماضي كانت دراماتيكية كثيراً، فقد استقبله آلاف المتظاهرين ومعظمهم من تيار مقتدى الصدر، بمظاهرات تندد بعهده وتعتبره مليئاً بالأخطاء السياسية التي أدخلت العراق في انتكاسة عميقة، عسكرياً واقتصادياً، وظل المتظاهرون في المحافظات الثلاث، وخصوصاً البصرة، يقولون كلمة واحدة: «إن عودة المالكي إلى الحياة السياسية ستعني انتكاسة جديدة وتعزيزاً لدور الفصائل المتطرفة المقربة من طهران، وإضعافا لدور ما يعرف بمعتدلي الشيعة المقربين من النجف ومرجعية آية الله السيستاني الداعي للتوافق ضد راديكالية العنف والحرب التي ترعاها طهران».

ويسأل المالكي حزبه: ماذا ستفعلون في انتخابات ٢٠١٧؟ ومن سيكون زعيم التكتل الانتخابي للحزب؟ ويجيبه حزبه بأن العبادي هو زعيم القائمة الانتخابية، لأنه رئيس الوزراء الذي يتمتع بشعبية ممتازة، لكن المالكي يعتبر ذلك «موتاً سياسياً» له، وهو الذي تعود منذ ٢٠٠٨م أن يكون الرجل الأول في البلاد، ولذلك بدأ منذ شهور بالحديث عن دوره في تشكيل الحشد الشعبي المكون من فصائل معظمها مقرب من طهران، ويسوق نفسه زعيماً لهذه القوة العسكرية والاجتماعية، معتبراً إياها جمهوراً بديلاً يعوض به جمهور حزب الدعوة الذي ذهب نحو العبادي.

لكن هذا وضع الحزب أمام اختبار قاسٍ جداً، فمعنى تحرك المالكي هو انشقاق نادر وكبير قد يجعل جناح العبادي يخسر ما لا يقل عن ٣٠ في المئة من جمهوره الشيعي، إلا أن المخاوف تتعدى هذا، فواشنطن والمقربون منها يخشون أن تتشكل معركة حزبية كبيرة تجعل العبادي مشغولاً بمواجهة المالكي في بيته بما يقلل تركيزه في معركة الموصل الحاسمة، والتي تتعقد كثيراً وتنتظرها أيام صعبة، عسكرياً وإنسانياً ودولياً.

back to top