قبل تناول خطورة الجائزة، علينا أن ننظر إلى إيجابياتها، حتى نبتعد عن النظرة التشاؤمية التي سيطلقها علينا البعض، وأننا لا ننظر إلا للجوانب المظلمة في الموضوع، هذا من ناحية شخصية، ومن ناحية أخرى، علينا أن نكون موضوعيين في نقاشنا، ولا نتحيز لوجهة نظر نؤمن بها كل التحيز.

أهم إيجابيات الجائزة الأدبية والفنية والفكرية، هي الانتشار والوصول إلى قطاعات عريضة من الجمهور، ما يجعل الجميع يفتشون عن مصادر هذه الجوائز، ويشاركون على أمل الفوز بها، أو لمجرد الإعلان عن المشاركة فيها.

Ad

ويبدو أن الروائيين الشباب أكثر من سواهم منافسة في الوصول إلى قوائم الجوائز الطويلة والقصيرة. ولهذا تفسير وحيد، هو الحصول على لقب الجائزة من جهة، ومبلغها المادي، لذلك يشاركون غالبا في الجوائز الخليجية.

الإيجابية الأخرى، هي دخول الرواية الخليجية بقوة إلى المنافسة، وتشكيل القارئ الخليجي لأحد الأضلاع الأهم في عملية النشر الأدبي، وانتهاء العهد القديم حين كان الخليج هامشا والعواصم مركزا.

بالتأكيد للاستقرار السياسي والمادي لدول الخليج دور في ذلك بالعقد الماضي، وهذا بحث آخر.

أما ما نراه من سلبيات لهذه الجوائز، وللشباب بالذات، فهو الشعور الذي ينتاب الكاتب الشاب بأن عمله الأول أو الثاني والذي حصل فيه على جائزة من الجوائز المغرية ماديا هو الكامل والأهم، وأن عملية التجريب والتجديد في الشكل الفني والموضوعاتي عمل غير مضمون، وقد يزيح الروائي الفائز عن منصته.

وفي كثير من الأحيان يصبح هذا العمل الفائز هو قدوة الشباب الآخرين، والذين يكتبون من أجل الجائزة، وينظرون في الشروط التي توافرت في عمل زميلهم والسير على طريقته الناجحة.

أغلب الجوائز الأدبية تحكمها ذائقة لجان التحكيم الفردية، وهي ليست مرتبطة دائما بفعل التجديد الإبداعي، وأغلب مخرجات هذه الذائقة حتى الآن ترتكز على المناطقية والعمر الأدبي للكاتب، وتلك ليست رسالة مبشرة نحو تطوير الرواية العربية التي لن تنقذها سوى المغامرة التجريبية، وخروجها من دائرة السرد الحكائي.

والمشكلة التي تواجه لجان التحكيم أيضا، هي المحافظة على ثوابت أصحاب الجائزة، فليس من الممكن أن تنجح رواية لا توائم الخط السياسي والاجتماعي للمانحين. ونتيجة ذلك، على الكاتب أن يكتب رواية متفقة بشكل ما مع توجهات جميع أصحاب الجوائز التي ستتقدم لها.

أغلب الجوائز المقدمة من دول خليجية لم تتطور فيها الرواية ولم ينافس كتابها، سواء في القوائم الطويلة أو القصيرة، وذلك يشير إلى أن هذه الجوائز تعمل بعيدا عن محيطها المحلي، ولا تهتم مؤسساتها بتطوير العمل الإبداعي لدى شبابها قدر اهتمامها باحتواء هذه المجاميع الكبيرة التي تكتب الرواية في محيط جوائزها، وهو احتواء له أسبابه بكل تأكيد. لكن الأهم من ذلك كله، هو العمل على تحريك الفضاء الداخلي للدول المانحة للجائزة، ومحاولة تطوير الأدوات الكتابية في سن مبكرة، والعمل على المبدعين منهم، لخلق جو منافس محليا وعربيا. ومشروع الاهتمام بالقراءة الذي تقوم به دبي، مثلا، مشروع جميل، ويمكن له أن يتكامل بمشروع كتابات إبداعية موازٍ له، واعتماد مختصين في الكتابة الإبداعية لذلك.

مرة أخرى، لسنا ضد تقديم جوائز مغرية للرواية أو الشعر أو غيرهما من الفنون، لكننا ضد أن تتحكم هذه الجائزة في تأطير الحالة الإبداعية، وتشكيل أطر محددة الرواية الأمثل بما يقتل الإبداع الحقيقي.