أكدت بغداد أن معارك الموصل، التي انطلقت 17 أكتوبر الماضي، لم تتوقف لكن المصادر العسكرية تعترف بحصول تباطؤ كبير في المحاور الأربعة للقتال، حيث لا تحقق «البيشمركة» الكردية و»الحشد الشعبي» أي منجز بسبب فيتو على مشاركتهما، بينما تتباطأ ألوية قتالية تابعة للشرطة جنوبا على مشارف مطار الموصل، وتفشل «الدروع» شرقا في تحقيق تقدم حقيقي، ولا يبقى سوى جبهة «قوات النخبة» في الشمال الشرقي، أو ما يعرف بجهاز «مكافحة الإرهاب» الذي يقوم بتحرير ما معدله حي سكني كل خمسة أيام، حيث طرد «داعش» من نحو 30 حيا سكنيا من أصل 80.وسبق لرئيس الحكومة حيدر العبادي أن أعلن حصول تعديلات على خطط المعركة بعد زيارة وزير الدفاع الأميركي للعراق الأسبوع الماضي، حيث دار سجال حاد بينهما وفق مصادر حكومية، إذ ان واشنطن تلوم بغداد بسبب الخسائر الكبيرة في صفوف «قوات النخبة» التي يصعب تعويضها، بينما تلقي بغداد باللوم على «البنتاغون» الذي يضع قيودا صارمة على الطلعات الجوية التي تهاجم «داعش» خشية ارتفاع حصيلة الضحايا المدنيين في الموصل.
وطبقاً للمصادر فإن تعديلات الخطة تتضمن تخفيف القيود تلك والسماح بضربات أكثر فاعلية ونيرانا أكثف حتى مع سقوط ضحايا، لأن التقدم يبدو مستحيلا بسبب تحصن «داعش» في مناطق سكنية يستخدمها كمكان لإطلاق هجماته الفتاكة وانتحارييه ومدرعاته المفخخة.وتأكد أن القصف يصبح أكثر قسوة حيث شهدت أحياء سكنية قصفا كثيفا بالراجمات والصواريخ استمر ليلتين نهاية الأسبوع، كما أن الحكومة ألقت منشورات موجهة إلى «داعش» مفادها أن التنظيم المتشدد سيتحمل مسؤولية الخسائر المدنية نتيجة القصف، لأنه يتحصن عن عمد في المستشفيات والمدارس، وقال مراقبون إن المنشورات نوع من التبرؤ من موجة قصف قد تصبح دامية وربما تدمر البنى التحتية في الموصل إلى أقصى الحدود كلما ازدادت وتيرة المعارك وارتفعت الخسائر في صفوف الجيش.ويستخدم «داعش» أشرس الأساليب في القتال، لأنه محاصر من أربع جهات، ولا سبيل أمامه سوى الموت، وتذكر مصادر «قوات النخبة» أن التنظيم قام بتفجير نحو ألف سيارة خلال ستة أسابيع من القتال، بينما تذكر مصادر عسكرية أن جهاز «مكافحة الإرهاب» الأكثر فعالية في الحرب خسر نحو ألفي مقاتل من أصل عشرة آلاف عنصر حسن التدريب، وهي خسارة غير مسبوقة.من جانب آخر، تحاول الحكومة طمأنة الأوساط السنية قائلة إنها ستفتح ممرات آمنة لعبور السكان لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين وسط اشتداد موجات القصف، لكن «داعش» لن يتسامح مع العوائل الهاربة طبقا لما سجله المحللون الأمنيون في مختلف الجبهات، إضافة إلى أن المدينة ذات كثافة سكانية عالية ويقطنها نحو مليون نسمة، ولم يبق أمام هؤلاء سوى خيارين، أن يموتوا في الحرب التي لا أحد يعلم متى ستنتهي، أو يحاولوا الهرب كي يصلوا إلى مخيمات النازحين السيئة للغاية وسط موجة برد وثلوج تضرب المناطق المحيطة بالموصل.ويخيم شبح مدينة حلب على مصير الموصل، التي يقول أهلها إنها «آخر مدينة سنية في العراق» بعد الدمار الكبير الذي طال مدن الأنبار وتكريت وباقي المناطق السنية خلال المعارك مع «داعش» طوال عامين. وسبق أن ذكر قادة موصليون أن المدينة التاريخية في الموصل أمام سيناريو دمار حتمي إلا إذا نجح الأهالي في «الانتفاض» ضد «داعش»، لكن هذا سيناريو بات يثير السخرية اليوم حيث تعجز أفضل القوات العراقية في مواجهة تكتيكات التنظيم، بنحو يجعل من غير المعقول مطالبة السكان بمواجهته.
العامري
في السياق، أعلن القيادي في «الحشد الشعبي» والأمين العام لـ«منظمة بدر» هادي العامري، أن الحشد استعاد 4500 كليومتر مربع غرب الموصل من قبضة «داعش»، مضيفاً أن «المعركة ستطول وتحتاج الى زمن وصبر».الحويجة
في موازاة ذلك، اعتبر محافظ كركوك نجم الدين كريم «عدم تحرير الحويجة خطأ كبيراً نظراً للتهديد الذي تشكله بالنسبة لكركوك ومحافظات مجاورة».وعبر عن «الاستياء لتأخر عمليات تحرير الحويجة التي تعتبر أحد أبرز معاقل التنظيم جنوب الموصل»، معتبرا أن هذا يعني «عدم وجود خطة واضحة لتحرير مناطق جنوب كركوك وغربها».تجاوزات «الحشد»
في هذه الأثناء، كشف رئيس الوزراء حيدر العبادي عن صدور أحكام بالإعدام وبالسجن لفترات متباينة تتراوح بين 15 و20 عاما بحق متجاوزين من عناصر تابعين لقوات «الحشد الشعبي».وأعرب العبادي، خلال اجتماعه مع سفراء العراق مساء أمس الأول، عن رغبته في عدم حماية أي متجاوز من القوات الأمنية سواء كان من «الحشد الشعبي» أو من الشرطة والجيش.وأشار إلى عدم تلقيه أي شكوى من المواطنين ضد «الحشد الشعبي»، لافتا إلى أن «باب الشكوى مفتوح للجميع».وأقر البرلمان العراقي في وقت سابق من ديسمبر الجاري قانون «الحشد الشعبي» وسط مقاطعة ممثلي المكون السني في البرلمان.الجعفري وحلب
إلى ذلك، قال وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري في مؤتمر إن «الحكومة لم تأذن لأي جماعة أو فصيل مسلح عراقي بالقتال في سورية»، لكنها في المقابل «لا تستطيع وفقا للدستور أن تمنع أي أحد من الذهاب إلى هناك».وأكد الجعفري أن العراق لا يتدخل في شؤون الآخرين بما فيهم سورية، لافتا إلى أن بغداد تعتقد أن «الحل السلمي هو الحل الوحيد القادر على إنهاء الأزمة السورية».وأوضح أن بلاده تقف الى جانب سورية في حربها ضد «داعش» كما تقف مع مصر وليبيا وغيرها من الدول.وجاءت تصريحات الجعفري بعد مطالبة كتلة «متحدون» (السنية) للحكومة بتحديد موقفها من وجود ميليشيات عراقية تقاتل إلى جانب النظام السوري بمدينة حلب. الصدر ينتقد إيران ضمناً
طالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أمس، بوقف فوري للحرب في العراق وسورية، ودعا إلى «التبرؤ» من «الطوائف الشاذة والمارقة»، متهماً «الخوارج» بجعل السنة ذريعة لـ»الإرهاب».ووجه الصدر انتقادات ضمنية لما تقوم به إيران من تنظيم فعاليات تحت شعار «أسبوع الوحدة الإسلامية» بمناسبة المولد النبوي الشريف، وما يصدر عنها من مواقف تؤجج الطائفية.وأضاف «لا ينبغي أن تدعي الوحدة وأسبوعها أو تعقد المؤتمرات وندواتها من أجل الوحدة وكل مشاعرك تلهج بالكلام الطائفي المنبوذ، وكل تصرفاتك بمنأى عن الحق العقائدي»، متابعا «إذا أردتم أن تكونوا عامل وحدة إسلامية فعليكم وقف كل ما يسيء للنبي من عمل شائن وسيئ».وطالب في الوقت نفسه «السنة المعتدلين» بالانفتاح على «أتباع أهل البيت» من الشيعة بما يخدم المصالح الإسلامية العامة.