تتفاقم معاناة آلاف المدنيين المحاصرين وسط الجوع والبرد في مدينة حلب السورية، بانتظار استئناف عملية الاجلاء المتوقفة جراء خلاف على تفاصيل خروج مماثل من بلدتين مواليتين في محافظة ادلب المجاورة.

Ad

ولضمان خروج آمن للمدنيين من آخر جيب تحت سيطرة الفصائل المعارضة في جنوب شرق حلب، يصوت مجلس الأمن الدولي الأحد على مشروع قرار قدمته فرنسا يقترح إرسال مراقبين دوليين للإشراف على عمليات الإجلاء، رغم معارضة روسيا، أبرز حلفاء دمشق، والتي تمتلك حق النقض (فيتو).

ويعيش آلاف المدنيين المحاصرين في حلب وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، أوضاعاً مأساوية في ظل ظروف مناخية قاسية، ويفتقدون للأدوية والمشافي والمواد الغذائية الأساسية، بانتظار استئناف عملية الاجلاء.

ومنذ الخميس، تم اجلاء نحو 8500 شخص بينهم ثلاثة آلاف مقاتل من مناطق سيطرة الفصائل في حلب، وفق المرصد، بينهم 500 حالة بين جريح ومريض على الآقل، بموجب اتفاق توصلت إليه روسيا وتركيا أساساً قبل دخول ايران على خط المفاوضات.

وتم تعليق عملية الاجلاء الجمعة بعدما اتهمت دمشق المقاتلين بخرق الاتفاق الذي تم التوصل إليه بعد استعادة قوات النظام خلال شهر معظم الأحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة الفصائل المقاتلة منذ العام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين الطرفين.

وقال مراسل لفرانس برس الأحد أن الأهالي توجهوا منذ ساعات الصباح الباكر إلى حي العامرية، النقطة التي تنطلق منها الحافلات، بعدما تم تداول أنباء عن امكانية خروجهم صباحاً.

وإشار إلى حالة من الفوضى والضياع في صفوفهم في ظل تضارب المعلومات، عدا عن حالة الإرهاق التي يعانون منها جراء المجيء كل يوم إلى حي العامرية بانتظار اجلائهم من دون جدوى.

وتحدث عن وضع مأساوي داخل أحد المستشفيات الميدانية، حيث ينام الجرحى والمرضى على فرش على الأرض ولا يملكون إلا البطانيات للتدفئة بغياب الطعام والمياه، وقال أن معظم الجرحى مصابون في أطرافهم ولا يقوون على التحرك كما أن عدداً منهم لا يرافقهم أحد.

حالات حرجة

وأوضح المراسل أن الطاقم الطبي الموجود يعجز عن تقديم كافة الخدمات خصوصاً مع وجود حالات حرجة تحتاج تدخلاً جراحياً دقيقاً.

وقال المعالج الفيزيائي محمد زعزع الموجود داخل المشفى لفرانس برس عبر الانترنت «لم يبق إلا طبيب جراح في المسالك البولية وطبيب أمراض داخلية وقلب وطبيب عام بالإضافة إلى صيدلاني واحد وأربعة ممرضين».

وأوضح أنه «قبل يومين توفي مريض لأن الجراح لم يكن موجوداً، وأجرى العمل الجراحي ممرض عمليات وطبيب عام وأنا ساعدت في التخدير والتمريض، واحتجنا إثر ذلك لنقله إلى الريف من دون أن نتمكن من ذلك، ما أدى إلى وفاته».

وتحدث عن ظروف صعبة داخل المشفى في غياب المياه والتدفئة فيما تنخفض الحرارة إلى ما دون الصفر.

وانتظر السكان المحاصرون خلال اليومين الماضيين لساعات طويلة استئناف عملية الاجلاء من دون جدوى بعد تعليقها.

وقال مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن لوكالة فرانس برس الأحد أن «الاتفاق بشأن اجلاء المدنيين من حلب لا يزال قائماً لكن الخلاف حول التفاصيل» بشأن عملية اجلاء سكان من بلدتي الفوعة وكفريا المواليتين والمحاصرتين من الفصائل في محافظة ادلب (شمال غرب) المجاورة.

وأوضح أن خمسين حافلة على الأقل موجودة منذ أمس في محيط البلدتين منتظرة إشارة للدخول وبدء عمليات الاجلاء.

وأوضح الفاروق أبوبكر المكلّف التفاوض عن الفصائل المعارضة بعد منتصف الليل لفرانس برس أن «تأخير الاجلاء من حلب مرتبط بعدد الأشخاص الذين سيغادرون من بلدتي الفوعة وكفريا» ذات الغالبية الشيعية، مضيفاً «يصر الايرانيون على خروج أربعة آلاف شخص فيما الموافقة جاءت على 1500 فقط».

رقابة دولية

في نيويورك، يصوت مجلس الأمن الدولي الأحد في اجتماع يعقده عند الساعة 11,00 صباحا (16,00 ت غ)، على مشروع قرار قدمته فرنسا ويقترح إرسال مراقبين دوليين للإشراف على عملية الاجلاء من حلب.

ويطلب مشروع القرار من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن يُنشر سريعاً في حلب موظفين انسانيين تابعين للمنظمة وموجودين أصلاً في سورية «لمراقبة ملائمة وحيادية وللسهر في شكل مباشر» على عملية «اخلاء المناطق المحاصرة من حلب».

كما ينص على أن تشرف الأمم المتحدة على نشر مزيد من الموظفين ويطلب من سورية السماح بانتشار هؤلاء المراقبين.

كما يطالب بحماية الأطباء والطواقم الطبية والمستشفيات.

وأمام الأمين العام خمسة أيام ليعود إلى مجلس الأمن ويحدد ما إذا سمحت سورية فعلاً بدخول المنطقة.

وأبدى السفير الروسي فيتالي تشوركين شكوكه، لافتاً إلى «عناصر تتطلب نقاشاً» في النص.

وأوضح «أن نشر مراقبين يحتاج إلى أسابيع»، مضيفاً «الاعتقاد أنه يمكن القيام بذلك في يوم أو يومين ليس واقعياً أبداً».

وأعلنت وزارة الخارجية الإيرانية السبت أن وزراء خارجية ايران وروسيا وتركيا قدموا موعد اجتماعهم المقرر في موسكو لبحث الوضع في سورية إلى يوم الثلاثاء المقبل.

وكانت أنقرة أعلنت أن الاجتماع سيعقد في 27 ديسمبر.

وتواجه الفصائل المعارضة التي طمحت إلى الاطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، احتمال الهزيمة الكاملة في سورية بعد خسارتها حلب، المدينة التي شهدت شوارعها تظاهرات ضخمة في العام 2011 ضد النظام قبل أن تتحول إلى جبهة مقسومة بين شطرين، واحد تحت سيطرة النظام في الغرب وآخر تحت سيطرة المعارضة في الشرق.

كرم-لار/دص