أدباء: اللجوء للقضاء لانتزاع حقوقنا في النشر ليس مقبولاً

أكدوا أن الرقابة تمارس تعسفاً خطيراً لمنع كتبهم عبر تهم مطاطة

نشر في 19-12-2016
آخر تحديث 19-12-2016 | 00:04
تباينت آراء الأدباء والروائيين في الكويت حول فكرة لجوء المبدع إلى القضاء لانتزاع حقوقه في النشر، لاسيما عقب صدور حكم من المحكمة الإدارية بإلغاء قرار وزارة الإعلام، الذي ينص على حظر تداول رواية التانغو للكاتبة دلع المفتي... «الجريدة» التقت عدداً من الأدباء والكتاب للحديث عن هذه القضية،
وفيما يلي التفاصيل:
لم يجد بعض الكتاب مناصاً من اللجوء إلى القضاء للحصول على قرار إجازة تداول إصداراتهم في الكويت، بينما يعتبر البعض الآخر أن هذا الموقف لا يليق بالمبدع، ويدخله في دوامة من الإجراءات والمتابعات المتلاحقة، مفضلين أن تُجرى تعديلات على قانون المطبوعات والنشر تغنيهم عن الاتجاه إلى هذا الطريق.

وشدد الأكاديمي والناقد،

د. سليمان الشطي، على أن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بإلغاء قرار وزارة الإعلام، الذي ينص على حظر تداول رواية التانغو للكاتبة دلع المفتي، والسماح لها بالتداول ضمن سوق الكتاب في الكويت في المكتبات ونقاط البيع، إدانة للفكر الذي يقود رقابة الإعلام، كما يعتبر إشارة واضحة لقصور كبير في أداء الوزارة، وأن رقابة كهذه غير صالحة لفحص نتاج الأدباء والمفكرين.

وقال الشطي لـ"الجريدة"، إن "هذا الحكم يأتي مع دور المؤسسات الثقافية والإعلامية المحلية، إذ من المفترض أن ترعى الثقافة والأدب، بينما ما يحدث لا يمت بصلة للمهام المنوطة بهذه المؤسسة التنفيذية، وربما الأنكى أن الموظفين في الوزارة ليسوا على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم، ومن منظوري أن النتاج الفكري يحتاج إلى لجنة مكونة من ذوي الفكر، لكي يتقابل الفكر بالفكر، ولا تتخذ قرارات تتنافى مع حرية التعبير".

وأورد الشطي جانباً من تجربته الشخصية في المحاكم بسبب تحريك دعوى قضائية ضده قبل أعوام من "الإعلام" حول كتابه الشعر في الكويت.

وقال ضمن هذا السياق "أذكر أني فوجئت بهذه الدعوى، لكن عقب أخذ ورد في المحكمة جاء الحكم لصالح الكتاب"، ونفى التهم الموجهة إليه، وهذا يدل على أن ثمة تسرعاً من الوزارة بإحالة الموضوع إلى القضاء، وأن هذه الأحكام التي تأتي لمصلحة الكتاب تحمل رسالة مدوية مضمونها إدانة الأسلوب المتبع في أروقة "الإعلام" ولجنتها الرقابية، كما يوجه رسالة إلى المسؤولين بضرورة حسن انتقاء الرقباء.

واستغرب إقحام الكتاب في المحاكم، وإشغالهم بأمور التقاضي ومتابعة المحامين.

حق التقاضي

وبدوره، شدد الأمين العام لرابطة الأدباء الكويتيين طلال الرميضي على أن الكويت بلد مؤسسات وقوانين، وعليه فإن قرار منع أحد الإصدارات من لجنة المطبوعات سيكون التسلسل الطبيعي ضده التظلم لدى الجهة الإدارية المتمثلة بإدارة المطبوعات، وفي حالة عدم الرد على التظلم أو رفضه يحق للمؤلف اللجوء الى القضاء لمحاولة الحصول على قرار إجازة أعماله الأدبية.

ويرى الرميضي ان "حق التقاضي مكفول لجميع المؤلفين"، متصورا أن تكون اللجنة الرقابية أكثر مرونة وتنسجم قراراتها مع القنوات القانونية السليمة، ووفقا لذلك نحن نلتزم بما جاء في قانون المطبوعات والنشر، إذ حدد بعض المحاذير بصفة عامة، والتي يندرج تحتها عدم المساس بالذات الإلهية ومقام الرسل والأنبياء، ومراعاة عدم خدش الحياء العام، وضرورة تجنب الكتابات التي تمس الوحدة الوطنية".

وحول رأي الرابطة بشأن لجوء الكاتب لانتزاع حقه بحكم قضائي، قال إنها تناشد كل كاتب في حالة عدم فسح المجال لكتابه ويشعر بأنه لم يتجاوز نصوص القانون أن يتبع الخطوات القانونية في الطعن بقرار المنع، ويعرض على اللجنة التي تعيد النظر ولها حرية الاقتناع برأيه وفسح الكتاب أو رفضه، وذلك للارتقاء بحركة النشر في الكويت.

وأضاف: "نحن على ثقة بأن الوكيل المساعد لقطاع الصحافة والمطبوعات خالد الرشيدي يعتني بالحراك الثقافي، ويعمل على تطوير آلية إجازة المطبوعات بالكويت والإجراءات بما يخدم المصلحة العامة، وفق روح النصوص القانونية السليمة، ويعمل للمحافظة على سمعة ومكانة الكويت الثقافية".

نزاع قضائي

ومن جهتها، قالت الروائية ميس العثمان إن صدور حكم بإلغاء المنع لكتاب لا يُعد تطوراً في مشكلة تخص الحريات، فهل من اللائق أن ينشغل الكاتب (الذي منعت كتبه) بتوكيل محامٍ للدفاع عن حقه في إصدار كتابه الإبداعي وإتاحته للتداول في بلده، وملاحقة جلسات المحكمة وما تمضي إليه سيرورة القضية، وهل من اللائق انصرافنا ككتاب للمحاكم لانتزاع حقوقنا في النشر؟

وتابعت العثمان: "أي البلاد هذه التي تعلن دوما (احتفاءها) بالمبدعين وتكريمهم في حين تمارس تعسفا خطيرا عبر منع كتاباتهم تحت قوائم عائمة من التهم المطاطة والتي هي في نهاية المطاف ليست سوى آراء لأعضاء لجنة الرقابة و(تأويلاتهم) الشخصية، تلك التّهم المسيئة للكتّاب وسمعتهم كالمساس بالذات الإلهية أو المساس بـالصحابة أو خدش حياء المجتمع وغيرها من التهم الجاهزة بما لا يقبلها عقل واعٍ".

وتابعت: "اليوم أفرج عن كتاب، وهذا جيد، لكن كل فعل من هذا النوع هو فعل فردي بالنهاية، فهل نبقى نصدر كتبا لتمنعها اللجنة الرقابية ونظل في نزاع قضائي لسنوات لندافع عن حرّيتنا في تداول هذا الكتاب؟".

فضلا عن أن بعض "التهم" لا يمكن للكاتب "كسبها"، كأن تكون "متهما" بالمساس بالذات الإلهية أو الشريعة أو غيرها.

لذا، فإن تحويل مسار الكتّاب ودورهم من التفرغ الإبداعي ونشر الجمال والوعي لجمهورهم إلى الانشغال بملاحقة حقوقهم في تداول كتبهم، وإرغامهم عبر المنع الرقابي على الهدر في وقتهم ومالهم لأجل متابعة قضائية قد تمتد سنوات دون أن ينال الكاتب حقه، شيء مخجل فعلا.

وتأسف العثمان للمعاملة السيئة التي يتجرع مرارتها المبدع في الكويت، وتقول في هذا الصدد:

"مؤسف أن تخنقنا أوطاننا هكذا، وتشغلنا بما لا يليق إلا بمتهم أو مجرم يبحث عن حقه في الخلاص، بينما يعيش المؤلف والمبدع والفنان في العالم ويموت باحترام واحتفاء دائمين! فلتمنع أيها الرقيب كتبي، كل كتبي في وطني، فهي جميعها متاحة حول العالم، فالمنع في وقت صار فيه الكتاب متاحا بكبسة زر، رغماً عن تأخر الرقيب وتعسفه وبؤس تأويلاته، صار مضحكا، وقد أصبح منعك أفضل مسوق للكتب التي تواصل إعادة طبعاتها بلا توقف"!

جريمة

أما الروائي وليد الرجيب، فقد استبعد اللجوء إلى القضاء، مفسرا موقفه بعدم ارتكابه جرما يعاقب عليه القانون، وأن ما دونه بين دفتي إصداره "من خلف الجدران" الممنوعة رقابيا، لا يتنافى مع المحاذير الرقابية أو يسيء إلى ذائقة المتلقي.

كما أعلنت الروائية بثينة العيسى نيتها اللجوء إلى القضاء للحصول على حكم يسمح لأعمالها الأدبية بالتداول بالكويت، ولاسيما أنها واجهت مشاكل مع الجهة الرقابية.

وفي السياق ذاته، يرى الكاتب الشاب محمود شاكر أنه لا مناص من اللجوء إلى القضاء لانتزاع حق فسح إصدارته الممنوعة من التداول في الكويت، مبديا استغرابه السماح لهذه الإصدارات في دول الخليج، بينما تمنع في بلده.

سليمان الشطي: الحكم يحمل إدانة للجنة الرقابة في وزارة الإعلام

طلال الرميضي: حق التقاضي مكفول لجميع المؤلفين

ميس العثمان: صدور حكم بإلغاء المنع لكتاب لا يُعد تطوراً في مشكلة تخص الحريات
back to top