كيف جاءتك فكرة فيلم «البر التاني»؟

منذ نحو سبع سنوات صدمتني كثرة الأخبار المنتشرة حول حوادث الهجرة غير الشرعية التي كانت تنشرها الصحف باستمرار، ما جعلني أفكر في تقديم عمل سينمائي يتناول هذه الظاهرة. ورغم أنني تلقيت عروضاً إنتاجية لتقديم أفلام كوميدية أو جزء ثان من «حريم كريم»، فإنني أردت صناعة عمل مختلف فنياً، لذا شرعت في كتابة «البر التاني» مع علمي بصعوبة توافر جهة إنتاجية تتحمس له.

Ad

ماذا عن قصص الأبطال؟

نبعت فكرة الفيلم من خلال متابعتي سلسلة موضوعات نشرت في إحدى الصحف من محافظة الدقهلية التي تشهد سفر عدد كبير من أبائها. حاولت التواصل مع الصحافية التي تابعت الملف، وهي فتاة مجتهدة للغاية ساهمت كثيراً في التحضير للعمل. طلبت منها مثلاً زيارة الأهالي ولقاء بعض الشباب وتوجهنا فعلاً إلى قرية «بساط سيدي الكريم»، فوجدت ظروفها عموماً صعبة للغاية ومستوى الأهالي الاجتماعي سيئاً، وليس لديهم ما يحثّهم على البقاء فيها. هناك التقيت أحد الشبان الذي هاجر ثم رُحِّل، وتحدثت إلى الأهالي عن قرب. كلها أمور ساعدتني كثيراً.

لكن ثمة انتقادات طاولت الفيلم، لا سيما أنك لم توجهي أي لوم للحكومة. ما رأيك؟

ليس بالضرورة أن أكون هجومية في كتاباتي مثل برامج الحوارات. ولا ننسى أن السنوات الماضية شهدت تغير أكثر من حكومة، فكم حكومة مرت على مصر ولم تتعامل مع المشكلة؟ أعتقد أن الحل ليس في مهاجمة أشخاص بعينهم. مثلاً، سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة قدمت فيلم «أريد حلاً» حيث طرحت المشكلة وعرضتها من دون إساءة إلى القضاء والقضاة، وبناء عليه عُدِّل القانون. أرى أن المناقشة والطرح الهادئ للمشاكل يرسمان أفقاً للحلول. صحيح أنني بطبعي لا أحب الأسلوب المباشر في توجيه الرسائل، ولكني حمّلت الحكومة أسباب دوافع الشباب للهجرة، فجميع أبطالي لم يجدوا عملاً، وأقصى طموحهم أن يبنوا منازل لعائلاتهم وتزويج بناتهم، أو توفير حياة كريمة لأبنائهم. حتى المزارع هجر بلده بسبب انتشار المباني على الأراضي الزراعية، من ثم توقفت الزراعة. عموماً، الفقر والخوف وعدم القدرة على إيجاد فرصة العمل هي الأسباب الرئيسة لهجرة الشباب.

قلق وتعديلات

ألم تقلقي من التجربة؟

أعتقد أنني تحملت شجاعة عرض قضية لم يتطرق إليها أحد سينمائياً بهذه الصورة وهذا العمق، ونفذتها بالطريقة التي كنت أتمناها.

لكن البعض وجد أنك أغفلت جوانب مهمة.

كمؤلفة لديَّ الحرية في الطريقة التي أتعامل بها مع القضية التي أطرحها. تعمدت التركيز على الشباب ومعاناتهم. صحيح أن ثمة زوايا عدة للموضوع يمكن التطرق إليها مرتبطة بالسماسرة والمافيات في هذا المجال، أو نماذج الشباب المهاجرين وما يتعرضون له بعد وصولهم إلى وجهتهم، وهي كلها قضايا مختلفة مرتبطة بالهجرة غير الشرعية. لكني فضلت التركيز على الفقر الذي يدفع كثيرين إلى اتخاذ هذا القرار والمغامرة بالسفر، وهو ما تأكدت منه خلال زيارتي القرية المذكورة.

هل أجريت أية تعديلات على الفيلم قبل التصوير؟

على الإطلاق. انتهيت من كتابة الفيلم منذ سبع سنوات، وحافظت على التفاصيل كافة فيه. صحيح أن من يشاهده يعتقد أنه كتب بعد حادثة مركب رشيد، لكن في هذه الفترة كنا أنجزنا التصوير. وأكثر ما جعلني أتمسك بعدم إجراء أية تعديلات بقاء الظروف التي تدفع الشباب إلى الهجرة على حالها.

ثمة اتهامات بمجاملة بطل الفيلم محمد علي باعتباره منتجه أيضاً. ما رأيك؟

لا يؤدي محمد أكبر الأدوار مساحةً في الفيلم، بل عمرو القاضي، فضلاً عن أنه لم يكن متحمساً من البداية لشخصيته وكان يفضل دور القاضي، لكن المخرج علي إدريس أقنعه. أما أكبر حوار في العمل فكان من نصيب محمد مهران. لذا المشاهدة المتأنية لـ{البر التاني» ستؤكد أن محمد علي لم يكن مفروضاً في المشاهد، ولم يجامله أحد لكونه منتج العمل.

مهرجان القاهرة والفيلم المقبل

هاجم البعض فيلم «البر التاني» في إثر مشاركته في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي. تقول زينب عزيز في هذا المجال: «اختير الفيلم للمشاركة في المسابقة الرسمية من يوسف شريف رزق الله، المدير الفني للمهرجان، وهو ناقد ذواق للأعمال السينمائية الأجنبية والعربية، وكون الفيلم نال إعجابه فهذا أمر يشرفنا ويسعدنا».

أما عن مشروعها السينمائي المقبل فتوضح: «حتى الآن لم أستقر على فيلمي المقبل، وأفضل أن أتخذ قراراً نهائياً بعد معرفة رد فعل الجمهور على «البر التاني».