رفع الاحتياطي الفدرالي سعر الفائدة الأساسي للمرة الأولى في عام 2016، بواقع 25 نقطة أساس في 14 ديسمبر، لتتراوح ما بين 0.50 و0.75 في المئة، مرتفعة من نطاق 0.25 إلى 0.50 في المئة، وذلك في إشارة لتحسن البيانات الاقتصادية وظروف سوق العمل. وحسب تقرير صادر عن شركة كامكو للاستثمار، قام الاحتياطي الفدرالي بتحديث توقعاته الاقتصادية للفترة ما بين عامي 2016 و2019 وعلى المدى الطويل، مسلطاً الضوء على ارتفاع مستويات التفاؤل من خلال تحسين التوقعات الخاصة بالناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، والتوظيف، وتضخم نفقات الاستهلاك الشخصي. من جانب آخر، فإن الرسم البياني الحالي الذي يظهر توقعات أعضاء الاحتياطي الفدرالي لمستويات الفائدة في السنوات المقبلة يشير إلى تسارع وتيرة رفع أسعار الفائدة في عام 2017 (زيادة أسعار الفائدة ثلاث مرات) مقارنة بتوقعات سبتمبر 2016 (زيادة أسعار الفائدة مرتين)، إلا أن السياسة النقدية لا تزال فضفاضة، وفيما يلي التفاصيل:
الفائدة الخليجية
في أعقاب إعلان الفدرالي الأميركي رفع سعر الفائدة الأساسي، قامت دول مجلس التعاون الخليجي أيضا برفع أسعار فائدتها، باعتبار ربط عملاتهم بالدولار الأميركي، حيث رفعت المملكة العربية السعودية معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس «الريبو العكسي» إلى نسبة 0.75 في المئة، في حين قررت إبقاء معدل اتفاقيات إعادة الشراء (الريبو) عند نسبة 2.0 في المئة، ويعزى قرار إبقاء معدل الريبو بدون تغير في رأينا على الأغلب لضمان توافر مستويات مريحة من السيولة في النظام المصرفي والتخفيف من حدة الارتفاع الشديد لأسعار الفائدة بين البنوك. وقام بنك الكويت المركزي بخطوة مماثلة ورفع سعر الخصم بواقع 25 نقطة أساس ليرتفع من نسبة 2.25 في المئة إلى 2.5 في المئة، في حين رفعت الامارات العربية المتحدة سعر الفائدة على شهادات الايداع بنسبة 25 نقطة أساس، وقد نوه بنك الكويت المركزي إلى أن تلك الخطوة من شأنها الحفاظ على تنافسية وجاذبية العملة المحلية كوعاء للمدخرات المحلية. ومن المحتمل أن ترتفع تكاليف الاقتراض بالنسبة للكويت بحوالي 11 في المئة وفقاً لحساباتنا، إلى جانب ذلك، قامت كل من البحرين وقطر أيضا برفع أسعار الفائدة الرئيسية بواقع 25 نقطة أساس إلى 0.75 في المئة، ونتج عن ذلك ارتفاع سعر فائدة الإقراض فيما بين البنوك ليلة واحدة لكل من الإمارات والكويت وقطر، إلا ان سعر فائدة الإقراض بين البنوك لمدة ثلاثة أشهر شهد اتجاهات مختلطة، حيث ارتفع في كل من السعودية والكويت وقطر، في حين تراجع في الامارات من 1.4029 في المئة إلى 1.3336 في المئة، وذلك لأنه من الأرجح أن تقدم البنوك على إقراض الأموال بشروط أبسط.قوة الدولار
واصل الدولار الأميركي تحليقه لمستويات تاريخية لم يشهدها منذ عدة سنوات حتى قيام الفدرالي الأميركي برفع سعر الفائدة وفي أعقاب ذلك، وهو اتجاه يتوقع له الاستمرار خلال عام 2017 من وجهة نظرنا، مع تجلي مزيد من صفقات الابتعاد عن المخاطر (لمزيد من المعلومات يرجى الاطلاع على تقريرنا الصادر بعنوان الأفاق الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي- ديسمبر 2016). من جانب آخر، فإن قوة الدولار قد حدت بالفعل من أثر ارتفاع أسعار النفط المرتبط بتوقعات تقليص الإنتاج، إلا اننا نتوقع ان تتماسك الأسعار فوق مستوى 50 دولارا للبرميل، وأخذاً في الاعتبار توقع حدوث مزيد من رفع سعر الفائدة في المستقبل، فإن بحوث كامكو تتوقع أن يتراجع أداء السندات نسبياً مقارنة بفئات الأصول الرئيسية الأخرى على المدى المتوسط، وذلك مع تراجع العوائد، في حين نتوقع ان يستند أداء الأسهم على أرباح الشركات أكثر من اعتماده على توافر السيولة، كما شهدنا سابقاً.تحديات جديدة
قد يضيف رفع أسعار الفائدة مزيداً من التحديات امام دول مجلس التعاون الخليجي من حيث تباطؤ النمو، وذلك إلى جانب ما تواجهه حالياً من تقليص الإنتاج النفطي وقيود الموازنة، وعلى الرغم من إبقاء بعض البنوك المركزية على أسعار الإقراض دون تغيير، فإنه من المتوقع أن يصل ارتفاع تكاليف الإقراض إلى الشركات والمستهلكين من خلال ارتفاع معدلات الإقراض بين البنوك. ونتوقع ان تواصل دول مجلس التعاون الخليجي تركيزها على التحول بعيداً عن الاعتماد على النفط، وأخذ العديد من التدابير المختلفة لكبح زمام عجز الموازنة. كما نتوقع إضافة إلى ذلك أن تواصل دول مجلس التعاون الخليجي التطرق إلى سوق السندات الدولي في عام 2017 حتى بعد قرار الكويت دخولها إلى سوق السندات، وقيام السعودية في عام 2016 بجمع 17.5 مليار دولار من خلال اصدار سندات على ثلاث شرائح، تبعتها قطر (9 مليارات دولار) وأبوظبي (5 مليارات دولار). إضافة إلى ذلك، نتوقع حالياً أن يكون عجز موازنة 2017 أقل من نسبة 6.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الذي توقعه صندوق النقد الدولي، حيث ان ارتفاع اسعار النفط من شأنه أن يترجم إلى ارتفاع في العائدات. كما تتوقع بحوث كامكو أيضا أنه من الممكن لدول مجلس التعاون الخليجي ان تشهد فائضا في الحساب الجاري لعام 2017، مقابل ما توقعه صندوق النقد الدولي من تسجيل عجز بنسبة 0.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويعتمد تحقيق فائض على جودة الميزان التجاري خلال العام القادم، إذا ما استمر ارتفاع أسعار النفط وتماسك سعر الدولار الأميركي، فإن ذلك سيؤدي إلى تراجع صادرات المنطقة.توقعات الأجل المتوسط
يتوقع الاحتياطي الفدرالي ان ترتفع معدلات الفائدة الرئيسية في الولايات المتحدة لتتخطى نسبة 3 في المئة بعد عام 2017، وان تصل إلى اعلى حد من نسبة 3.4 في المئة ببداية عام 2018، في حين ان توقعات الأجل الطويل تشير إلى انه بعد عام 2019، قد ترتفع إلى اعلى من نسبة 3.8 في المئة، كما ان متوسط توقعات واضعي السياسات قد ارتفعت بداية من عام 2017 بمعدل 20 إلى 30 نقطة أساس مقارنة بتوقعاتهم في اجتماع سبتمبر 2016. حيث يبلغ متوسط توقعات نهاية عام 2017 نسبة 1.4 في المئة مقابل نسبة 1.1 في المئة في التوقعات السابقة، وبالمثل، فإن توقعات متوسط معدلات عام 2018 بلغ نسبة 2.1 في المئة، مرتفعاً من نسبة 1.9 في المئة في سبتمبر 2016. من جهة أخرى، فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي قد تمت مراجعته ورفعه إلى ما يقارب 10 نقاط أساس في 2017 و2019، مع ترك أرقام عام 2018 بدون تغيير، ومن المتوقع أن يبلغ المتوسط قرابة 2 في المئة سنوياً خلال الفترة ما بين عامي 2016 و2019.تأجيل المخاطر العالمية
ما زلنا نصر على توقعاتنا بأن نمو الناتج المحلي الإجمالي في منطقة مجلس التعاون الخليجي قد يكون لامس القاع في عام 2016، وأن يعاود التحسن في عام 2017، حيث ان ارتفاع أسعار النفط قد يوازن الآثار الناتجة عن تقليص الإنتاج، كما أن مبادرات التمويل الدولي ستعود بالنفع على موازنات الدول وعائداتها المستقبلية. إلا انه على الرغم من ذلك، فإننا نتسمك بتفاؤلنا بخصوص المعايير التي اتخذتها دول مجلس التعاون، إلا أن الآثار التي تبلغها من بعض المخاطر العالمية تترك المجال مفتوحاً امام تطبيق مزيد من المبادرات لتحفيز نمو القطاع غير النفطي، حيث ان تقليص دعم الطاقة ومبادرات فرض الضرائب مثل ضريبة القيمة المضافة كلها مبادرات إيجابية من وجهة نظرنا. من جهة أخرى، يظل التضخم في حدود مثالية، إلا انه يتوقع ارتفاع الأسعار بمعدلات أبطأ في عام 2016، من 3.6 إلى 2.6 في المئة في عام 2017، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي. ورغماً عن ذلك، نحن نرى العديد من الإشارات على المستوى العالمي من جهة المخاطر، وعلى المستوى الإقليمي من جهة احتمالية ارتفاع العائدات وتحسن إدارة مالية الدولة، مما قد يوازن الآفاق المستقبلية لدول مجلس التعاون على مدار السنوات المقبلة، وذلك من وجهة نظرنا.